تشهد الانتخابات التشريعية والجهوية والبلدية المغربية، المرتقب تنظيمها يوم غدٍ الأربعاء في المغرب، حضوراً كبيراً للصحافيين والإعلاميين عبر مختلف مناطق البلاد ودوائرها، بعد أن قرروا خوض أولى تجاربهم الديمقراطية في مواجهة "محترفي" العمل السياسي الانتخابي، على أمل الظفر بمقعد في المجالس التمثيلية.
ومن أبرز الصحافيين والإعلاميين المغاربة الذين أقدموا على خوض غمار المنافسة الانتخابية الحالية الصحافي جمال براوي، الذي تم ترشيحه على رأس قائمة حزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" الخاصة بمنطقة الدار البيضاء سطات بدائرة أنفا.
كما رشح حزب "الاتحاد الاشتراكي " الصحافي ومدير صحيفة "الاتحاد الاشتراكي" اليومية منذ عام 2009، عبد الحميد الجماهري، وكيلاً للائحة بدائرة المحمدية، فيما قررت نجيبة جلال، مؤسسة الموقع الإخباري "L’express TV"، خوض الانتخابات التشريعية كوكيلة للائحة حزب "الديمقراطيين الجدد" بدائرة عين السبع الحي المحمدي بالدار البيضاء.
وفي الدائرة الانتخابية سيدي سليمان (غرب المغرب) ترشح لحسن عواد، مدير الأخبار السابق في "راديو بليس" الخاص، والمستشار والسكرتير الصحافي لرئيس جهة الدار البيضاء سطات مصطفى بكوري، كوكيل للائحة حزب ""الأصالة والمعاصرة " المعارض.
لائحة الصحافيين، الذين قرروا المشاركة في النزال الانتخابي للثامن من سبتمبر/ أيلول 2021، ضمت كذلك مدير النشر السابق لصحيفة "الاتحاد الاشتراكي"، محمد شوقي، الذي يقود لائحة حزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية " بدائرة عين الشق بالدار البيضاء، وكذلك الصحافي محمد حجيوي، في الانتخابات البلدية 2021 بدائرة الجرف، ممثلا لحزب " التقدم والاشتراكية " المعارض.
لمودني: ترشح الصحافيين للانتخابات يثير نقاشاً وجدلاً مستمرين بشأن العلاقة بين الصحافي والسياسي
وبينما يخوض الصحافي بالقناة الأولى المغربية عبد المجيد حلاوي غمار الانتخابات التشريعية بدائرة سيدي برنوصي سيدي مؤمن بمدينة الدار البيضاء، اختار الصحافي في موقع "أحداث آنفو" لحسن أوسيموح، الترشح باسم حزب "التقدم والاشتراكية" للانتخابات البلدية لداىرة بوسكورة بالدار البيضاء.
وإلى جانب الصحافي الرياضي، مراد متوكل، الذي ترشح باسم حزب "الاتحاد الدستوري" (المشارك في الائتلاف الحكومي) لخوض غمار الانتخابات الجهوية بدائرة المحمدية، ضمت لائحة مرشحي حزب "التقدم والاشتراكية" في الانتخابات الجماعية والجهوية بدائرة طنجة المدينة، الصحافي في جريدة "البيان " كريم بن عمار.
ووفق الصحافي بموقع "أحداث أنفو" لحسن أوسي موح، فإن قرار مشاركته في الانتخابات المغربية 2021 هو بمثابة "استمرار لالتزامه بقضايا الوطن والمواطن، وهي مسؤولية تحملناها نحو المجتمع أثناء أداء رسالتنا الإعلامية"، معتبراً أن الفارق يكمن في الانتقال من مواكبة الحملات الانتخابية والحياة السياسية عموماً إلى المشاركة من موقع فاعل سياسي يسعى للتأثير وتدبير الشأن العام وليس فقط كصحافي يغطي الحدث ويبحث عن الأخبار لخدمة حق المواطن في الخبر.
ويوضح في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن "خوض الانتخابات هو تمرين سياسي ميداني سيساهم في فهم أكبر للحياة السياسية المغربية على المستوى الوطني والمحلي، وقد وقفنا على حقائق كثيرة يمكن أن تكون موضوعاً دسماً لسوسيولوجيا الانتخابات المغربية". ويضيف: "لنا تجربة رائدة في الرعيل الأول من الصحافيين الذين لم تحل ممارستهم للصحافة في المشاركة في الحياة السياسية كفاعلين مؤثرين، وعموما فالصحافي غالبا ما يخلق التميز، سواء عند وصوله الى قبة البرلمان أو عند مشاركته في تدبير الشأن المحلي، ولنا هنا أمثلة كثيرة".
وبرأي أوسي موح، فإن الصحافي الملتزم سياسياً لا يمكنه أن يقف مكتوفي الأيدي، بل إنه كمثقف يفترض فيه ليس فقط الدفاع عن قضايا الوطن والمواطن بل أيضا المشاركة في تدبير الشأن المحلي ووضع خبرته في التواصل السياسي وفي التفكير رهن إشارة مجتمعه عن طريق المؤسسات المنتخبة.
من جهته، يعتقد رئيس المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، سامي لمودني، أن ترشح الصحافيين للانتخابات يثير نقاشاً وجدلاً مستمرين بشأن العلاقة بين الصحافي والسياسي. ويلفت إلى أنه "أمام هذا الوضع نجد أنفسنا أمام رؤى مختلفة واحدة تقول إن الصحافي يجب أن يبقى على نفس المسافة بين مختلف الفرقاء السياسيين ويلتزم بالحياد المطلق، والثانية تقول إن الصحافي من خلال وظيفته بضمان حق المواطنين في المعلومة الصحيحة يكون فاعلا في السياسة بشكل أو بآخر".
ويوضح لمودني أنه خلال ممارسته هذا الدور، فإن انتماء الصحافي بحكم طبيعة هذا الدور يكون هو الدفاع عن حقوق الإنسان في شموليتها وعن الديمقراطية، ويصطف إلى جانب المواطنين في الدفاع عن قضاياهم العادلة وفق الالتزام بقواعد المهنة واحترام أخلاقيات المهنة.
من أبرز الصحافيين والإعلاميين المغاربة الذين أقدموا على خوض غمار المنافسة الانتخابية الحالية الصحافي جمال براوي
ويرى رئيس المنتدى المغربي للصحافيين الشباب أن لا مانع من ممارسة الصحافي لحقه كمواطن في الترشح للانتخابات، على اعتبار أن كل صحافي يحكمه توجه من التوجهات، وأنه لا يمكن فصله عن الأفكار التي يحملها. كما لا يمكن تحت أي مبرر حرمانه من ممارسة حقوقه كمواطن.
ويقول إن ممارسة حق الترشح يقتضي عدم مشاركة الصحافي خلال الحملة الانتخابية في أي شكل من أشكال التغطية الإعلامية، لأننا نكون إزاء تعارض للمصالح المرفوضة في أخلاقيات مهنة الصحافة. وأيضاً شريطة التزامه خارج فترات الحملات الانتخابية بالتعامل بموضوعية ونزاهة في الأجناس الصحافية الإخبارية إزاء كل القضايا ونقصد أساسا التقيد باحترام المهنية وأخلاقيات الصحافة كما هي متعارف عليها كونياً.
أما أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة رشيد لزرق، فيرى أن "الصحافي هو مواطن في البدء وفي المنتهى، وأنه يملك حرية الانتماء الحزبي والعمل السياسي"، معتبرا، في حديث مع "العربي الجديد" أن للصحافيين كما الفنانين والرياضيين الحق في الوصول إلى الهيئات التمثيلية باعتبارها مؤسسات تمثل جميع فئات ومكونات المجتمع المغربي، وتسمح لهم بالمشاركة في صنع القرار السياسي وإثارة قضايا تهم المواطنين عموماً والفنانين بشكل خاص.