وبغض النظر عن تكاليف الحرب اليمنية، فإن هناك بعداً آخر يتعلق بالتوقيت، ويتمثل في الأوضاع الصعبة التي تمر بها الموازنات الخليجية والتي خسرت أكثر من 300 مليار دولار بسبب تهاوي أسعار النفط حسب صندوق النقد.
بل ان بعض هذه الموازنات ومنها السعودية التي تعاني من عجز فاق 145 مليار ريال (38.7 مليار دولار) عن العام 2015، وما ذكره وزير المالية السعودي يوم 25 ديسمبر الماضي يؤكد ذلك، حيث قال إن السعودية قد تلجأ للاقتراض لتمويل عجز الموازنة، وبالتالي كيف تقترض دولة وتمنح قروضاً لبلد آخر في نفس الوقت؟
أضف إلى ذلك ما توقعه البعض من أن تأخذ دول الخليج في حسبانها عند تحويل مساعدات جديدة لمصر، تأثيرات تسريبات مكتب السيسي والتي كشفت عن أن الـ 30 مليار دولار حصيلة المساعدات الخليجية لم تنعكس على مؤشرات الاقتصاد أو تحسين حياة المصريين.
ورغم أن التعجب من توقيت تحويل الودائع الخليجية لمصر في هذا التوقيت له منطقه ومبرراته، إلا أنه يبدو طبيعياً من وجهة نظري، فدول الخليج أرادت من الخطوة أن تصطاد عدة عصافير بحجر واحد هو الودائع التي تم تحويلها، الأول هو إعلان الدول الثلاث مساندتها لمصر في هذا التوقيت، خاصة وأن الاقتصاد المصري ينزف بشدة بسبب تراجع موارده الأجنبية خاصة من قطاعات مهمة كالسياحة والاستثمارات الأجنبية، والثاني إعطاء بإيفائها بالالتزامات التي قطعتها على نفسها في مؤتمر شرم الشيخ.
أما العصفور الثالث وهو الأهم، فإن دول الخليج وجدت في مصر فرصة استثمارية جيدة لأموالها، فهذه الدول تستثمر أموالها في الخارج بعائد يقل عن 1%، وبالتالي عندما تمنح مصر قروضاً بـ 2.5% ألا يعد ذلك سعراً مغرياً لا يجوز التفريط فيه؟