"قف على الدفاع جهة اليسار"، طلب المدرب من الفتى الذي لا يهوى كرة القدم لكنّه مضطر لذلك، فهو النشاط الرياضي الوحيد للذكور في المدرسة، والرياضة مادة كبقية المواد في الصف المتوسط الثاني (السابع الأساسي). هو لم يتوقع أساساً أنّه سيلعب معنا في هذه المباراة القوية أو في غيرها، فالفريق مؤلف من سبعة لاعبين وحارس أساسيين، وبقية الذكور على عددهم الذي يتجاوز العشرين كانوا احتياطيين، بعضهم تتسنى له المشاركة دائماً بهذه الصفة، لكنّ البقية لا يدوسون تراب الملعب حتى.
هذا اليوم كان مختلفاً، إذ طلبت الإدارة من المدرب ياسر، الذي كان في المناسبة حارساً سودانياً محترفاً في أحد فرق الدرجة الأولى في لبنان منتصف التسعينيات، أن يقدم إليها علاماته لجميع التلاميذ، لكنّ لاعبيه ليسوا سوى جزء من التلاميذ. فمن لا يلعب الكرة يذهب مع الفريق سواء بانتظار دوره للعب، أو للمؤازرة، أو حتى لممارسة نشاط مختلف، كاللعب بأغطية زجاجات الصودا مثلاً، بالقرب من أماكن التدريبات والمباريات.
كان يمكن لياسر ببساطة أن يسجل علامات وهمية للتلاميذ، لكنّه لسبب ما، قرر أن يشركهم جميعاً في المباراة المنتظرة، بالرغم من امتعاضنا - نحن الأساسيين - وغضبنا من احتمالات الخسارة بسبب هذا التكتيك.
وبالفعل، أبقى على أربعة لاعبين أساسيين فقط، هم الحارس وقلب الدفاع وصانع الألعاب ورأس الحربة. وبات يداور في الظهيرين والجناحين، فيستبدلهم جميعاً في اللحظة نفسها كلّ ربع ساعة، حتى تسنّى له إشراكهم جميعاً، وتسجيل علامات لهم تتجاوز الوسط.
كان من بين اللاعبين الاحتياطيين من يعرف اللعب بالفعل، وكان من بينهم من اكتشفنا فجأة أنّه جيد. لكنّ البقية في المجمل كانوا سيئين جداً وتحمّل الفريق ككلّ أخطاءهم. من هؤلاء اللاعب الذي طلب منه المدرب أن يقف على الدفاع لجهة اليسار. وبالفعل، ذهب إلى المكان ووقف. وقف بالمعنى الحرفي، وبات لاعبو الفريق الخصم يعبرون أمامه ويمررون لبعضهم البعض من دون أن يحرك أيّ جزء من جسده حتى. وعندما صاح به أحدنا: "ما الذي تفعله؟"، أجاب: "ياسر طلب مني أن أقف".
اقــرأ أيضاً
في لبنان 128 نائباً. كثيرون من بينهم نواب بالاسم، إذ يعتبرون المقعد البرلماني مجرد مقعد يجلسون عليه كحال صديقنا الذي وقف على الدفاع، أو ربما يجلسهم أحدهم عليه فيفوزون بالعلامات - فوائد الجلوس - من دون أن يكون لهم أيّ قرار. معظم هؤلاء النواب ينتظر إعادة انتخابه في السادس من مايو/ أيار المقبل، والنتيجة ليست خسارة فريق مدرسي بل شعب يصرّ زعماؤه على إلحاق الهزيمة به.
هذا اليوم كان مختلفاً، إذ طلبت الإدارة من المدرب ياسر، الذي كان في المناسبة حارساً سودانياً محترفاً في أحد فرق الدرجة الأولى في لبنان منتصف التسعينيات، أن يقدم إليها علاماته لجميع التلاميذ، لكنّ لاعبيه ليسوا سوى جزء من التلاميذ. فمن لا يلعب الكرة يذهب مع الفريق سواء بانتظار دوره للعب، أو للمؤازرة، أو حتى لممارسة نشاط مختلف، كاللعب بأغطية زجاجات الصودا مثلاً، بالقرب من أماكن التدريبات والمباريات.
كان يمكن لياسر ببساطة أن يسجل علامات وهمية للتلاميذ، لكنّه لسبب ما، قرر أن يشركهم جميعاً في المباراة المنتظرة، بالرغم من امتعاضنا - نحن الأساسيين - وغضبنا من احتمالات الخسارة بسبب هذا التكتيك.
وبالفعل، أبقى على أربعة لاعبين أساسيين فقط، هم الحارس وقلب الدفاع وصانع الألعاب ورأس الحربة. وبات يداور في الظهيرين والجناحين، فيستبدلهم جميعاً في اللحظة نفسها كلّ ربع ساعة، حتى تسنّى له إشراكهم جميعاً، وتسجيل علامات لهم تتجاوز الوسط.
كان من بين اللاعبين الاحتياطيين من يعرف اللعب بالفعل، وكان من بينهم من اكتشفنا فجأة أنّه جيد. لكنّ البقية في المجمل كانوا سيئين جداً وتحمّل الفريق ككلّ أخطاءهم. من هؤلاء اللاعب الذي طلب منه المدرب أن يقف على الدفاع لجهة اليسار. وبالفعل، ذهب إلى المكان ووقف. وقف بالمعنى الحرفي، وبات لاعبو الفريق الخصم يعبرون أمامه ويمررون لبعضهم البعض من دون أن يحرك أيّ جزء من جسده حتى. وعندما صاح به أحدنا: "ما الذي تفعله؟"، أجاب: "ياسر طلب مني أن أقف".
في لبنان 128 نائباً. كثيرون من بينهم نواب بالاسم، إذ يعتبرون المقعد البرلماني مجرد مقعد يجلسون عليه كحال صديقنا الذي وقف على الدفاع، أو ربما يجلسهم أحدهم عليه فيفوزون بالعلامات - فوائد الجلوس - من دون أن يكون لهم أيّ قرار. معظم هؤلاء النواب ينتظر إعادة انتخابه في السادس من مايو/ أيار المقبل، والنتيجة ليست خسارة فريق مدرسي بل شعب يصرّ زعماؤه على إلحاق الهزيمة به.