الاقتصاد الأخضر هو مجموعة الأنشطة الاقتصادية التي من شأنها تحسين نوعية حياة الإنسان، من دون أن تتعرّض الأجيال المقبلة إلى مخاطر بيئية أو تعاني من ندرة إيكولوجية خطيرة. ويهدف ذلك إلى تعزيز الترابط بين الاقتصاد من جهة والبيئة والتنمية المستدامة من جهة أخرى، من خلال اعتماد سياسات اقتصادية فاعلة للحفاظ على البيئة والحدّ من تدهورها نتيجة التغيّر المناخي الذي بات يهدد الحياة، خصوصاً في الدول الأفريقية التي لا إسهام يُذكر لها في الأمر، غير أنّها الأكثر تأثراً وتضرراً. وهو ما استوجب النظر إليها بعين الاعتبار في ما يخص تمويل مشروعات التكيّف مع تغيّر المناخ من قبل الصندوق الأخضر الذي أنشأته الدول الصناعية الكبرى لمساعدة دول العالم الثالث.
ولعلّ المغرب قد حاز قصب السبق في هذا المجال بحصوله على مائة مليون دولار أميركي، فأصبح الدولة الأولى في القارة الأفريقية المستفيدة من الصندوق الأخضر للمناخ التابع للأمم المتحدة. وقد أفاد أحد أعضاء الوفد المغربي المفاوض في "كوب 23"، وهو يشغل منصباً مهماً في وزارة البيئة في المغرب، بأنّ التمويل الذي تلقاه المغرب دليل على قدرته على جعل المشاريع قابلة للتمويل. كذلك، أوضحت عضو الوفد المغربي نزهة الوفي، خلال مشاركتها في أعمال المؤتمر الوزاري حول صندوق المناخ الأخضر في دورته الأفريقية الثانية (إبريل/نيسان 2018) في مالي، أنّ البلدان الأفريقية، لا سيما أقلها نمواً، تواجه تحديات في كل مرحلة من مراحل الحصول على التمويل المناخي، في حين أنّ أفريقيا أثبتت دائماً التزامها بمكافحة الآثار السلبية للتغيّر المناخي، على الرغم من مسؤوليتها المحدودة جداً عن ذلك، فهي اتخذت عدداً من المبادرات الهيكلية، بما في ذلك مبادرة الطاقة المتجددة الأفريقية، ومبادرة التكيف الأفريقي للزراعة، والمبادرة الثلاثية لتعزيز الاستقرار والأمن في مواجهة الهجرة الناجمة عن تدهور الأراضي وتغيّر المناخ، بالإضافة إلى إنشاء الصندوق الأزرق لحوض الكونغو.
وتجلّى الالتزام الأفريقي من خلال تقديم خارطة طريق متماسكة بمشاركة حقيقية من قبل الفاعلين غير الحكوميين في تحقيق أهداف المناخ، فضلاً عن أنّ 19 هيئة أفريقية من أسواق المال التي تمثّل 26 دولة أفريقية قد وقّعت ووافقت على التزام مراكش، عبر تشجيع أسواق رأس المال الخضراء في أفريقيا. يُذكر أنّ اعتمادات الصندوق الأخضر للمناخ، التابع للأمم المتحدة، تبلغ نحو 10.2 مليارات دولار، وهو برنامج عالمي لدعم البلدان المعرّضة للتغيّر المناخي من أجل مساعدتها على التكيّف والحد من الانبعاثات.
تجدر الإشارة إلى أنّ اتفاق باريس حول التغيّر المناخي شدّد على ضرورة وضع البلدان إطاراً يتّسم بالشفافية يتيح تتبع الدعم والعمل. فهل تتمكن باقي الدول الأفريقية من إثبات جدارتها لتحصل على نصيبها، أم أنّ لعنة فساد الإدارة البيئية سوف تلاحق النسبة الأكبر من بينها؟
*متخصص في شؤون البيئة