دعا رئيس البرلمان التونسي محمد الناصر، خلال يوم دراسي برلماني، بحضور وزير الشؤون الاجتماعية والمنظمات الوطنية الراعية للشأن الاجتماعي، إلى ضرورة التوافق حول قاعدة مشتركة ومنوال اجتماعي للنهوض بالفئات الضعيفة والمهمشة ومحدودة الدخل في تونس.
ونظم البرلمان يوماً دراسياً بحضور مختلف الأطراف الاجتماعية حول "مشروع القانون الأساسي المتعلق بإحداث برنامج الأمان الاجتماعي للنهوض بالفئات الفقيرة والفئات محدودة الدخل"، الذي اقترحته حكومة يوسف الشاهد أخيراً بعد موجة الاحتجاجات الشعبية التي عرفتها البلاد في يناير/ كانون الثاني الماضي بعد رفع الأسعار وزيادة الضرائب.
وقال الناصر في تصريح لـ"العربي الجديد": "الإشكاليات التي تعيشها البلاد لا تحلها مصادقة البرلمان على مشروع القانون"، مبيناً أن الحل يكمن في الاتفاق على قاعدة مشتركة بين مختلف الأطراف الفاعلة، من الحكومة إلى المنظمات الوطنية والنقابات والمجتمع المدني والأحزاب السياسية، تشكل أرضية الانطلاق للنهوض بالمجتمع.
وأضاف رئيس البرلمان أن الإشكال يكمن في محاولة الدولة تلبية مطالب التونسيين الملحة، وحل المشاكل الاجتماعية التي تطاول الفئات الهشة ومحدودة الدخل على وجه الخصوص، إضافة إلى تحديات العولمة التي تفرضها التزامات تونس مع المنظمات والمؤسسات المانحة، ومع النظام العالمي الجديد وإمكانيات البلاد المالية والاقتصادية.
وتساءل عن مدى قدرة تونس اليوم على تحديد الحاجات على أرض الواقع، ومراعاة التزاماتها الدولية في إطار العولمة، في ظل الظرف الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد، ناهيك عن الحراك الاجتماعي والإضرابات والحركات الاحتجاجية. وأكد في هذا الصدد، أن هذا الهاجس أصبح يشغل التونسيين، ويجعلهم قلقين من المستقبل، كما تهتز ثقتهم بقدرة تونس على تجاوز تلك الصعوبات.
وقال وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي، في تصريح لـ"العربي الجديد": "إن مشروع قانون الأمان الاجتماعي يعتبر أول إطار قانوني شامل وموحد ينظم برامج التدخلات الاجتماعية التي تقدمها الدولة للشرائح الاجتماعية الفقيرة"، موضحا أن صياغته لم تكن نتيجة للاحتجاجات الاجتماعية الأخيرة بل هي نتاج تصور استراتيجي أقرته الوزارة.
ودعا مدير مركز الشؤون الاجتماعية بالاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سامي السلاني، إلى توجيه برنامج الأمان الاجتماعي للنهوض بالفئات الفقيرة ومحدودة الدخل، في اتجاه إحياء المشاريع الصغرى بما يدعم المبادرة الخاصة لدى الفئات الفقيرة.
وأكد نائب رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري نور الدين بن عياد، أحقية الفلاحين والبحارة الصغار في الانتفاع بمشروع برنامج الأمان الاجتماعي، داعيا إلى تمكين صغار الفلاحين من استغلال مقاسم الأراضي الدولية. وطالب بتوفير المرافق الأساسية للفلاحين وشق مسالك فلاحية بالأرياف النائية، وإقرار التغطية الاجتماعية التفاضلية لعموم البحارة والفلاحين لتجنيبهم الفقر والإقصاء الاجتماعي.
وأوضح رئيس البرلمان محمد الناصر، أن الأمان الاجتماعي يهدف إلى الإدماج الشامل لكل التونسيين، ويترجم الرغبة بإشراكهم في العمل والبناء في مسيرة الإنماء، باعتبار أن الإقصاء من شأنه إضعاف الرابطة الاجتماعية.
وشدّد في هذا السياق على أن برنامج الأمان الاجتماعي يؤكّد اللحمة الوطنية وتمكين التونسيين من كل الحقوق التي نصّ عليها الدستور.
وأشار إلى أن النظرة الجديدة لدور العمل الاجتماعي يجب أن تتعدّى مراقبة الفقر، إلى مساعدة الفئات الأقل حظا لبلوغ ما تطمح إليه وتوفير حاجياتها الأساسية التي أكّدها الدستور، من مقوّمات العيش الكريم والحق في الصحة والتعليم والسكن.
وأضاف الناصر أن هذا القانون يولي أهمية كبرى للمسألة الاجتماعية، التي تحتل موقعا محوريا لدى المرجعيات الفكرية والفلسفية والدينية والاجتماعية، مبيّنا أن التناقضات الاجتماعية هي اليوم محدد رئيسي للنظريات الداعية إما الى الصراع والتدافع أو إلى التكافل الاجتماعي.