12 يوليو 2024
ورثة مبارك
حكم حسني مبارك ثلاثة عقود، قابضاً على أنفاس المصريين وأحلامهم ومستقبلهم. أجهزة أمنية قمعية، وتدجين للحياة السياسية، وفساد ينهش كل ما حوله. اغتنى وحاشيته واكتنزوا المليارات حارمين المصريين الحق في التعليم الجيد والطبابة اللائقة والخدمات العامة من دون منّة أو رشى. وعندما ثاروا عليه، لم يتردد في قتل وسجن مئات منهم، وبذل كل ما في استطاعته لمحاولة البقاء في السلطة، قبل أن يرضخ ويبتعد، مسلّماً إدارة البلاد للعسكر الذين حموه من أي محاسبة فعلية عن فترة حكمه التي كانوا شركاء فيها، بل وحرصوا، في لحظة موته، على تكريمه بجنازة عسكرية، حضرها معظم أركان دولته التي ساهم في تجذيرها، ومنحها مفاتيح التحكم بإدارة البلاد.
ولذلك يبدو مفهوماً لماذا تبيّن أن ورثة مبارك بقدر ما هم أوفياء لنهجه القمعي، وأدوات وأساليب حكمه بقدر ما يشكلون نسخة أشد سوءاً منه في السياسة والاقتصاد والأمن.
منذ بداية ثورة 25 يناير، كان من يديرون الحكم من خلف الكواليس يخططون للانقضاض على محاولة المصريين إحداث تغيير نوعي، لأنهم يدركون أن نجاحا كهذا يعني حتماً إزاحتهم. لذلك لم يكن التخلي عن مبارك أكثر من ورقةٍ أتاحت لهم التخلص من عبء وجوده، والتفرغ للقضاء على كل ما تمثله ثورة 25 يناير. لم يكن الرضوخ لحدوث تبدّلٍ في قواعد الحكم ووصول أي مكون من خارج دائرتهم أمراً يمكن القبول به طويلاً. سهّل فوز جماعة الإخوان المسلمين بالرئاسة المعركة عليهم. لم تكن شيطنة الجماعة، والتجييش ضدها، بالمهمة الصعبة. استطاعوا إدارة المواجهة متسلحين بعقود طويلة من الخبرة وإمكانات دولةٍ كانت ولا تزال بيدهم وبمحدودية وعي المواطنين لمخططاتهم، وتخاذل القوى السياسية عن الانتصار لمبادئ الثورة والانجرار وراء حساباتٍ ضيقة. يدفع المصريون يومياً منذ سنوات ثمن ذلك.
لم يترك النظام الذي ورث مبارك أي متنفسٍ للمصريين على قاعدة أن "التهاون" الذي سمح بحدوث 25 يناير لا ينبغي أن يتكرّر تحت أي ظرف. يفسّر ذلك ما يجري من بطش بلا حدود. كل كلمة يُحسب لها ألف حساب اليوم حتى لو كانت مزحةً، لا موقفاً من حدث سياسي أو اقتصادي أو أمني، لأن الحاكم بأمر المصريين حوّل البلد إلى سجن كبير. يهوى النظام زج مواطنيه في المعتقلات، لينتظروا الموت ببطء جرّاء الانتهاكات والإهمال الطبي المتعمد. أما من هم خارج السجون الرسمية فلا فرق كبيرا بالنسبة إليهم. فهم معرّضون في أي لحظةٍ للمصير نفسه، أو لأسوأ منه. قائمة المخفيين قسراً أو الذين تمت تصفيتهم لا تنفكّ تزيد.
لا يوجد أي بادرة لتخفيف القبضة الأمنية الحديدية. كل ما يجري يوحي بالعكس. كلما ازداد خوف النظام الحالي ازداد تعسفه، وساهم في مراكمة غضب المصريين. 30 سنة من حكم مبارك، و9 سنوات أخرى عقب الثورة، ولم ينس المصريون جرائمه بحق الشعب، بل في يوم وفاته استعادوا جزءاً منها. ولو كُتب لثورة 25 يناير النجاة من فخ العسكر، والسير على خطى الانتقال الديمقراطي، لدون الآلاف شهاداتهم عن ما عانوه في عهده من مظالم، ولكانت الدولة تقدّم الاعتذار تلو الاعتذار. لكن مسار الأحداث طوال سنوات ما بعد تنحي مبارك اتخذ مساراً معاكساً، ليُكتب على المصريين معايشة فصلٍ أشد سوءاً من القمع والبطش، لأن من يجلس على كرسي الحكم اليوم يخشى من الشعب واحتمال انفجار غضب هذا الشعب في أي لحظة غير متوقعة، لينتهي مصيره كمبارك.
منذ بداية ثورة 25 يناير، كان من يديرون الحكم من خلف الكواليس يخططون للانقضاض على محاولة المصريين إحداث تغيير نوعي، لأنهم يدركون أن نجاحا كهذا يعني حتماً إزاحتهم. لذلك لم يكن التخلي عن مبارك أكثر من ورقةٍ أتاحت لهم التخلص من عبء وجوده، والتفرغ للقضاء على كل ما تمثله ثورة 25 يناير. لم يكن الرضوخ لحدوث تبدّلٍ في قواعد الحكم ووصول أي مكون من خارج دائرتهم أمراً يمكن القبول به طويلاً. سهّل فوز جماعة الإخوان المسلمين بالرئاسة المعركة عليهم. لم تكن شيطنة الجماعة، والتجييش ضدها، بالمهمة الصعبة. استطاعوا إدارة المواجهة متسلحين بعقود طويلة من الخبرة وإمكانات دولةٍ كانت ولا تزال بيدهم وبمحدودية وعي المواطنين لمخططاتهم، وتخاذل القوى السياسية عن الانتصار لمبادئ الثورة والانجرار وراء حساباتٍ ضيقة. يدفع المصريون يومياً منذ سنوات ثمن ذلك.
لم يترك النظام الذي ورث مبارك أي متنفسٍ للمصريين على قاعدة أن "التهاون" الذي سمح بحدوث 25 يناير لا ينبغي أن يتكرّر تحت أي ظرف. يفسّر ذلك ما يجري من بطش بلا حدود. كل كلمة يُحسب لها ألف حساب اليوم حتى لو كانت مزحةً، لا موقفاً من حدث سياسي أو اقتصادي أو أمني، لأن الحاكم بأمر المصريين حوّل البلد إلى سجن كبير. يهوى النظام زج مواطنيه في المعتقلات، لينتظروا الموت ببطء جرّاء الانتهاكات والإهمال الطبي المتعمد. أما من هم خارج السجون الرسمية فلا فرق كبيرا بالنسبة إليهم. فهم معرّضون في أي لحظةٍ للمصير نفسه، أو لأسوأ منه. قائمة المخفيين قسراً أو الذين تمت تصفيتهم لا تنفكّ تزيد.
لا يوجد أي بادرة لتخفيف القبضة الأمنية الحديدية. كل ما يجري يوحي بالعكس. كلما ازداد خوف النظام الحالي ازداد تعسفه، وساهم في مراكمة غضب المصريين. 30 سنة من حكم مبارك، و9 سنوات أخرى عقب الثورة، ولم ينس المصريون جرائمه بحق الشعب، بل في يوم وفاته استعادوا جزءاً منها. ولو كُتب لثورة 25 يناير النجاة من فخ العسكر، والسير على خطى الانتقال الديمقراطي، لدون الآلاف شهاداتهم عن ما عانوه في عهده من مظالم، ولكانت الدولة تقدّم الاعتذار تلو الاعتذار. لكن مسار الأحداث طوال سنوات ما بعد تنحي مبارك اتخذ مساراً معاكساً، ليُكتب على المصريين معايشة فصلٍ أشد سوءاً من القمع والبطش، لأن من يجلس على كرسي الحكم اليوم يخشى من الشعب واحتمال انفجار غضب هذا الشعب في أي لحظة غير متوقعة، لينتهي مصيره كمبارك.