28 يناير 2024
حصار غزة وحصار قطر
إذا كانت دول الحصار على قطر مقتنعةً بقراراتها، فلماذا تلجأ إلى التحصين القانوني لهذه القرارات، بمعنى أن تسنّ عقوباتٍ مغلظةً ضد من يتعاطف مع قطر؟
الجواب: لأنها تعلم علم اليقين أن قراراتها غير محصنة شعبيًّا، ولن تحظى بأي تعاطفٍ وطنيٍّ من شعوبها، فيدفعها غيّها إلى تحصين تلك القرارات بالقوانين الظالمة، وتصبح عقوبة المتعاطف باهظةً لا يقوى عليها أي منكود يحاول التعبير ولو عن أسفه، على الأقل، حيال قراراتٍ فجةٍ لا مسوغ لها إلا في عقول منزوعة الضمائر.
شتان، إذن، بين قراراتٍ محصنة شعبيًّا وأخرى محصنة قانونيًّا فقط، ما يعني أن متخذ القرار كان يعلم أن قراره يناقض الحس الشعبي لرعاياه الذي يرفض مثل هذه القرارات التعسفية بحق شقيقٍ وابن جلدةٍ وعروبةٍ ودين وتاريخ، كل ذنبه أنه انسجم مع قدره القومي.
نتعلم في الدرس القطري أن من يرفض الحصار الصهيوني على غزة سيجد نفسه محاصرًا من أنظمةٍ عربيةٍ أصبحت أشد دفاعًا عن إسرائيل من إسرائيل نفسها. وفي الدرس القطريّ، كشف أعضاء اللوبي عن عوراتهم تمامًا، ولم يعد هناك غموضٌ بشأن من يتصدّون لوأد الربيع العربي، وخنق كل أملٍ بالنهوض والوحدة، وبتنا نعرف، تمامًا، أن من حبك مؤامرة إطاحة الديمقراطية الوليدة في مصر، لم تكن الإمارات وحدها، بل كان ثمّة مخططون آخرون لم يشاؤوا الظهور إلى العلن وقتها، خشية فشل انقلاب عبد الفتاح السيسي، فآثروا الانتظار بضع سنوات، حتى استقرّت الأمور لصالح الانقلابيين، ثم ظهروا الآن إلى العلن، لإتمام المهمة، بإخراس أي صوتٍ ما يزال يعارض هذا الانقلاب.
وفي عرف العصابة، أيضًا، آن الأوان لإعلان العداء الواضح لحركة حماس، بوصفها المقاتل الفلسطيني الأخير الذي يرفض الهيمنة والهمجية الصهيونية. وبالتأكيد لا بد أن يمر هذا العداء بحصار قطر، بصفتها حاضناً لبعض رموز "حماس"، ومن أكثر الأنظمة العربية تعاطفًا معها.
أما في جانب إيجابيات الحصار الظالم على قطر، فيمكن القول إن منطقة الخليج العربي، التي كان ينظر المواطن العربي إلى أنظمتها وليس شعوبها، عبر عقود هزائمه ونكساته، بريبة وتشكك، ويؤمن بالملموس، وبما تخلفه طعنات الظهر من ألمٍ وفجيعة، أن تلك الأنظمة لم تكن غير أوكارٍ للتآمر على قضاياه، وإحباط تطلعاته، هي المنطقة نفسها التي تتعرّض اليوم لصدمة وعيٍ حقيقيةٍ مصدرها قطر، دولة خليجية، تجازف بالخروج على قطيع التآمر، لتمنح هذا المواطن العربي بصيص أملٍ بإمكانية التغيير في منطقة الخليج العربي. دولة صغيرة بتطلعات كبيرة، تستثمر فائض أموالها في نصرة القضايا العربية والربيع العربي، وفي إنشاء فضائيةٍ إعلاميةٍ تنافس أكبر الفضائيات العالمية، وتحتضن نخبة مفكرين عرب، وتؤوي معارضين فارّين من أنظمة الاستبداد العربية.
تبزغ قطر نقيضًا لدول خليجية أخرى، ما تزال، في القرن الحادي والعشرين، تمنع المرأة من قيادة السيارة، وتحظر سائر أساليب التعبير عن الرأي، وتتفنن في خنق شعوبها وحجبهم عن شموس الحريات الأساسية البسيطة. تبزغ قطر لتثبت أن هذه الشعوب الخليجية التي باتت مفعمة بنسب لافتة من المتعلمين والمثقفين الطامحين إلى التغيير واللحاق بركب الحريات، تستحق قياداتٍ أفضل.
على هذا النحو، يمكننا أن نفهم أسباب تغليظ العقوبات على المتعاطفين مع قطر، تحديدًا، لأن قطر جزء من المنظومة الخليجية ذاتها، وأي تمرّد يصدر منها على سياسة القطيع يصيب الجسد الخليجي ذاته، وليس بعيدًا عنه كما الحال في دول عربية أخرى.
بهذا، سيتحدد مع المعركة المعلنة الدائرة بين قطر وأخواتها مستقبل منطقة الخليج بأكمله، فإما إعادة "الابن الضال" إلى حظيرة التخلف، أو بداية النهاية لسياساتٍ نجت من الانقراض بأعجوبة.
الجواب: لأنها تعلم علم اليقين أن قراراتها غير محصنة شعبيًّا، ولن تحظى بأي تعاطفٍ وطنيٍّ من شعوبها، فيدفعها غيّها إلى تحصين تلك القرارات بالقوانين الظالمة، وتصبح عقوبة المتعاطف باهظةً لا يقوى عليها أي منكود يحاول التعبير ولو عن أسفه، على الأقل، حيال قراراتٍ فجةٍ لا مسوغ لها إلا في عقول منزوعة الضمائر.
شتان، إذن، بين قراراتٍ محصنة شعبيًّا وأخرى محصنة قانونيًّا فقط، ما يعني أن متخذ القرار كان يعلم أن قراره يناقض الحس الشعبي لرعاياه الذي يرفض مثل هذه القرارات التعسفية بحق شقيقٍ وابن جلدةٍ وعروبةٍ ودين وتاريخ، كل ذنبه أنه انسجم مع قدره القومي.
نتعلم في الدرس القطري أن من يرفض الحصار الصهيوني على غزة سيجد نفسه محاصرًا من أنظمةٍ عربيةٍ أصبحت أشد دفاعًا عن إسرائيل من إسرائيل نفسها. وفي الدرس القطريّ، كشف أعضاء اللوبي عن عوراتهم تمامًا، ولم يعد هناك غموضٌ بشأن من يتصدّون لوأد الربيع العربي، وخنق كل أملٍ بالنهوض والوحدة، وبتنا نعرف، تمامًا، أن من حبك مؤامرة إطاحة الديمقراطية الوليدة في مصر، لم تكن الإمارات وحدها، بل كان ثمّة مخططون آخرون لم يشاؤوا الظهور إلى العلن وقتها، خشية فشل انقلاب عبد الفتاح السيسي، فآثروا الانتظار بضع سنوات، حتى استقرّت الأمور لصالح الانقلابيين، ثم ظهروا الآن إلى العلن، لإتمام المهمة، بإخراس أي صوتٍ ما يزال يعارض هذا الانقلاب.
وفي عرف العصابة، أيضًا، آن الأوان لإعلان العداء الواضح لحركة حماس، بوصفها المقاتل الفلسطيني الأخير الذي يرفض الهيمنة والهمجية الصهيونية. وبالتأكيد لا بد أن يمر هذا العداء بحصار قطر، بصفتها حاضناً لبعض رموز "حماس"، ومن أكثر الأنظمة العربية تعاطفًا معها.
أما في جانب إيجابيات الحصار الظالم على قطر، فيمكن القول إن منطقة الخليج العربي، التي كان ينظر المواطن العربي إلى أنظمتها وليس شعوبها، عبر عقود هزائمه ونكساته، بريبة وتشكك، ويؤمن بالملموس، وبما تخلفه طعنات الظهر من ألمٍ وفجيعة، أن تلك الأنظمة لم تكن غير أوكارٍ للتآمر على قضاياه، وإحباط تطلعاته، هي المنطقة نفسها التي تتعرّض اليوم لصدمة وعيٍ حقيقيةٍ مصدرها قطر، دولة خليجية، تجازف بالخروج على قطيع التآمر، لتمنح هذا المواطن العربي بصيص أملٍ بإمكانية التغيير في منطقة الخليج العربي. دولة صغيرة بتطلعات كبيرة، تستثمر فائض أموالها في نصرة القضايا العربية والربيع العربي، وفي إنشاء فضائيةٍ إعلاميةٍ تنافس أكبر الفضائيات العالمية، وتحتضن نخبة مفكرين عرب، وتؤوي معارضين فارّين من أنظمة الاستبداد العربية.
تبزغ قطر نقيضًا لدول خليجية أخرى، ما تزال، في القرن الحادي والعشرين، تمنع المرأة من قيادة السيارة، وتحظر سائر أساليب التعبير عن الرأي، وتتفنن في خنق شعوبها وحجبهم عن شموس الحريات الأساسية البسيطة. تبزغ قطر لتثبت أن هذه الشعوب الخليجية التي باتت مفعمة بنسب لافتة من المتعلمين والمثقفين الطامحين إلى التغيير واللحاق بركب الحريات، تستحق قياداتٍ أفضل.
على هذا النحو، يمكننا أن نفهم أسباب تغليظ العقوبات على المتعاطفين مع قطر، تحديدًا، لأن قطر جزء من المنظومة الخليجية ذاتها، وأي تمرّد يصدر منها على سياسة القطيع يصيب الجسد الخليجي ذاته، وليس بعيدًا عنه كما الحال في دول عربية أخرى.
بهذا، سيتحدد مع المعركة المعلنة الدائرة بين قطر وأخواتها مستقبل منطقة الخليج بأكمله، فإما إعادة "الابن الضال" إلى حظيرة التخلف، أو بداية النهاية لسياساتٍ نجت من الانقراض بأعجوبة.