01 أكتوبر 2022
الصراع على تكرار التاريخ في مصر
"ما يحدث انقلاب على ثورة 30 يونيو العظيمة"، "هذا البيان يصل إلى درجة الانقلاب". بهذه الكلمات الموحدة، وصف إعلاميون، مثل أحمد موسى ومصطفى بكري وضياء رشوان، تحركات المعارضة المصرية الداعية إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقبلة ورفض شرعيتها. وكانت كلماتهم الحادة صدى تهديداتٍ صريحة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، بأنه قد يدعو المصريين إلى منحه تفويضاً جديداً "ضد الأشرار، أي أشرار"، لأنه سينفذ "إجراءاتٍ أخرى ضد أي حد يفكر يعبث في أمنها" (مصر).
وقد رفع الرئيس الذي وصف نفسه بأنه "ليس سياسياً" سقف تصعيده إلى حد غير مسبوق، قائلاً إن أي محاولة لتكرار ما حدث منذ سبع سنوات، الثورة، سيكون ثمنها "حياتي وحياة الجيش". .. تساءل كثيرون: ولماذا كل هذه الحدة ضد قوى بالغة الضعف والتشرذم؟
ما يقصده أكبر بكثير من البيانات الأخيرة، بل هو يضعها في سياق الحراك الذي أظهر بداية تكون تحالف بين أطرافٍ من داخل النظام وأطراف من القوى المدنية. ما يعنيه بما حدث في ثورة يناير ليس فقط النزول الشعبي، بل هو يعرف جيداً أن الثورة كانت في جوهرها، وفي سرعة نجاحها وقلة كلفتها البشرية، تواطؤاً يجمع الجيش أو قيادات رئيسية مع الحراك الشعبي والقوى المدنية ضد خطة حسني مبارك لتوريث ابنه، وتصعيد رجال أعماله ضد نفوذ القوات المسلحة. وبالمثل كان مشهد بيان "3 يوليو" في 2013، حين ألقى السيسي بيان عزل الرئيس محمد مرسي، بينما يقف خلفه قادة الأحزاب السياسية.
هو يفهم جيداً أن هناك من حاول تكرار هذا التاريخ القريب، والذي كانت أهم محاولاته هي تحالف رئيس أركان الجيش سابقاً، الفريق سامي عنان، مع أطرافٍ رئيسية في القوى المدنية، مع تلميحات إلى وجود دعم أو على الأقل "عدم ممانعة" من شخصيات رسمية بالخدمة. أوضح الأمثلة ما يدور بشأن الإقالة المفاجئة لرئيس المخابرات العامة، اللواء خالد فوزي، وعدم تعيين أي بديل له من داخل الجهاز، بل فقط اللواء عباس كامل، مدير مكتب السيسي المقرّب، والقادم من المخابرات الحربية. بل ربما تدور أسئلة أخرى بشأن سبب إقالة رئيس أركان الجيش، الفريق محمود حجازي قبلها.
يعرف الرجل القواعد جيداً، لا يتحرك الجيش المصري أبداً في صورة انقلاب كلاسيكي، لكن يجب أن يكون في لحظة استدعاءٍ شعبي وبغطاءٍ سياسي، وهو ما يسعى إلى سحق أدنى احتمال لتكراره.
يقولون انه كان مذعورا. ربما كان مذعوراً يوم كان هناك احتمال أن يواجه في الصناديق شعبيته الحقيقة، حتى لو فاز بنسبة متواضعة، لأنه هو يرفض تماماً احتمال أن يحظى بما هو أقل من الإجماع. لهذا كرّر، أكثر من مرة، أنه جاء بالتفويض، وأنه جاء باستدعاء شعبي "انتو اللي جبتوني"، وبالتالي لن يتنازل عن هذه الحالة، بل هو مستعد لتجديدها.
أما اليوم، فهو لم يكن مذعوراً في تقديري، بل غاضباً، تجاوز بالفعل الأطراف الأصعب، ويهدّد بسحق ما تبقى من الأطراف الأسهل. ومن أجل مواجهة هذا "الانقلاب"، المحتمل حسب تصوره، سينفذ بدوره انقلاباً عكسياً على ما تبقى من تقاليد الدولة المصرية العريقة. رئيس أركان في السجن، وقاضٍ مرموق يتعرّض لاعتداء من بلطجية، وجهاز أمني مهيب لا يجد من يثق به لإدارته، وبلاغات تم تقديمها خلال اليومين الماضيين ضد كل قادة المعارضة المدنية، ما يجعل سيف المحاكمات على رقابهم. لعله بدوره يكرّر تاريخ أنور السادات (أبدى سابقاً اعجابه به) في حركته التصحيحية ضد مراكز القوى.
لا أحب المبالغة في الآمال الموهومة. الرجل بالفعل الآن في وضع أقوى بكثير من مبارك، يسيطر على كل المؤسسات بشكل أوثق، وأكثر استعداداً وخبرة، ويحظى بدعم إقليمي ودولي. لكنه اختار أن يكسب كل شيء نظير رفع سقف المخاطرة، كان من الممكن خفض سقف مكاسبه قليلاً، نظير خفض السقف. الآن، كل الاحتمالات مفتوحة، التاريخ قد يكرّر نفسه، وقد لا يفعل، لكن المؤكد أن القصة لم تنتهِ بعد.
وقد رفع الرئيس الذي وصف نفسه بأنه "ليس سياسياً" سقف تصعيده إلى حد غير مسبوق، قائلاً إن أي محاولة لتكرار ما حدث منذ سبع سنوات، الثورة، سيكون ثمنها "حياتي وحياة الجيش". .. تساءل كثيرون: ولماذا كل هذه الحدة ضد قوى بالغة الضعف والتشرذم؟
ما يقصده أكبر بكثير من البيانات الأخيرة، بل هو يضعها في سياق الحراك الذي أظهر بداية تكون تحالف بين أطرافٍ من داخل النظام وأطراف من القوى المدنية. ما يعنيه بما حدث في ثورة يناير ليس فقط النزول الشعبي، بل هو يعرف جيداً أن الثورة كانت في جوهرها، وفي سرعة نجاحها وقلة كلفتها البشرية، تواطؤاً يجمع الجيش أو قيادات رئيسية مع الحراك الشعبي والقوى المدنية ضد خطة حسني مبارك لتوريث ابنه، وتصعيد رجال أعماله ضد نفوذ القوات المسلحة. وبالمثل كان مشهد بيان "3 يوليو" في 2013، حين ألقى السيسي بيان عزل الرئيس محمد مرسي، بينما يقف خلفه قادة الأحزاب السياسية.
هو يفهم جيداً أن هناك من حاول تكرار هذا التاريخ القريب، والذي كانت أهم محاولاته هي تحالف رئيس أركان الجيش سابقاً، الفريق سامي عنان، مع أطرافٍ رئيسية في القوى المدنية، مع تلميحات إلى وجود دعم أو على الأقل "عدم ممانعة" من شخصيات رسمية بالخدمة. أوضح الأمثلة ما يدور بشأن الإقالة المفاجئة لرئيس المخابرات العامة، اللواء خالد فوزي، وعدم تعيين أي بديل له من داخل الجهاز، بل فقط اللواء عباس كامل، مدير مكتب السيسي المقرّب، والقادم من المخابرات الحربية. بل ربما تدور أسئلة أخرى بشأن سبب إقالة رئيس أركان الجيش، الفريق محمود حجازي قبلها.
يعرف الرجل القواعد جيداً، لا يتحرك الجيش المصري أبداً في صورة انقلاب كلاسيكي، لكن يجب أن يكون في لحظة استدعاءٍ شعبي وبغطاءٍ سياسي، وهو ما يسعى إلى سحق أدنى احتمال لتكراره.
يقولون انه كان مذعورا. ربما كان مذعوراً يوم كان هناك احتمال أن يواجه في الصناديق شعبيته الحقيقة، حتى لو فاز بنسبة متواضعة، لأنه هو يرفض تماماً احتمال أن يحظى بما هو أقل من الإجماع. لهذا كرّر، أكثر من مرة، أنه جاء بالتفويض، وأنه جاء باستدعاء شعبي "انتو اللي جبتوني"، وبالتالي لن يتنازل عن هذه الحالة، بل هو مستعد لتجديدها.
أما اليوم، فهو لم يكن مذعوراً في تقديري، بل غاضباً، تجاوز بالفعل الأطراف الأصعب، ويهدّد بسحق ما تبقى من الأطراف الأسهل. ومن أجل مواجهة هذا "الانقلاب"، المحتمل حسب تصوره، سينفذ بدوره انقلاباً عكسياً على ما تبقى من تقاليد الدولة المصرية العريقة. رئيس أركان في السجن، وقاضٍ مرموق يتعرّض لاعتداء من بلطجية، وجهاز أمني مهيب لا يجد من يثق به لإدارته، وبلاغات تم تقديمها خلال اليومين الماضيين ضد كل قادة المعارضة المدنية، ما يجعل سيف المحاكمات على رقابهم. لعله بدوره يكرّر تاريخ أنور السادات (أبدى سابقاً اعجابه به) في حركته التصحيحية ضد مراكز القوى.
لا أحب المبالغة في الآمال الموهومة. الرجل بالفعل الآن في وضع أقوى بكثير من مبارك، يسيطر على كل المؤسسات بشكل أوثق، وأكثر استعداداً وخبرة، ويحظى بدعم إقليمي ودولي. لكنه اختار أن يكسب كل شيء نظير رفع سقف المخاطرة، كان من الممكن خفض سقف مكاسبه قليلاً، نظير خفض السقف. الآن، كل الاحتمالات مفتوحة، التاريخ قد يكرّر نفسه، وقد لا يفعل، لكن المؤكد أن القصة لم تنتهِ بعد.