01 أكتوبر 2022
متى تنتهي حروب الألف عام؟
كل مهتم بتغطية الأوضاع الإقليمية يعرف جيداً عبارة "الإعلام الحربي"، الخاصة بالجهات العسكرية المدعومة إيرانياً. في اليمن مثلاً، في البداية، كانت مقاطع الفيديو الخاصة بالحوثيين تحمل عبارة "اللجنة الإعلامية لأنصار الله"، لكن لاحقاً تغير الاسم إلى "الإعلام الحربي"، ويتم وضع العبارة بخط مميز على الجانب الأيمن لمقطع الفيديو، وهو ما يحدث نفسه بالنمط نفسه بالضبط في إصدارات العراق وسورية.
وهكذا نشأت مواقع وصفحات "الإعلام الحربي المركزي" التي تبث بوضوح تام كيف يحارب كل هؤلاء في مختلف الجبهات تحت رعاية جهة واحدة، وحتى بنمط إعلامي موحد بأدق التفاصيل.
هذه القدرة على توحيد القيادة والسيطرة تمثل عنصراً رئيسياً في تمكّن إيران من دعم الأنظمة الموالية لها، وتحقيق انتصاراتٍ على أعدائها المُشرذمين المتقاتلين، وأيضاً في تجاهل الغرب لممارسات المليشيات الإيرانية، ما دام لا يخرج منها انتحاريون، يفجرون أنفسهم بعواصم العالم.
قبل أيام، شهد مجلس الأمن الدولي مشهداً إيرانياً آخر. استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) لمنع إدانة إيران، بتهمة خرقها قرار مجلس الأمن بمنع تصدير السلاح إلى تحالف الحوثي صالح، وذلك بعد صدور التقرير الرابع للجنة خبراء مجلس الأمن، المُشكلة بموجب القرار 1140.
وثّق التقرير الأخير للجنة، بأدلة قاطعة، وجود أجزاء صواريخ باليستية من الصناعة الإيرانية داخل اليمن، وهي التي تم استخدامها لقصف السعودية، بالإضافة إلى نقل إيران تكنولوجيا صناعة طائرات بدون طيار، ويُضاف هذا إلى وقائع مذكورة بتقارير سابقة، تشمل ضبط سفن قرب سواحل اليمن، تحمل أسلحةً، بعضها إيرانية صريحة، وبعضها يعود إلى دول تتعامل معها إيران مثل الصين، روسيا، كوريا الشمالية، كما تشمل صوراً ومقاطع فيديو صريحة لأسلحة إيرانية مميزة بيد الحوثيين.
ووثقت التقارير في سرد مطولٍ جرائم ارتكبها الحوثيون، تشمل تجنيد الأطفال، اختطاف الصحافيين، التعذيب، القصف العشوائي على المناطق المدنية.
على الرغم من ذلك كله، تمت إعاقة القرار، وكان دفاع روسيا وإيران أنه حتى لو ثبت أن هذه الصواريخ والأسلحة إيرانية، فإنه لم يثبت كيفية وصولها إلى داخل اليمن!
على جانب آخر، وجهت التقارير انتقاداتٍ مقابلة للتحالف العربي، بوقائع تشمل مقتل مدنيين في قصف الطيران، واستخدام قنابل عنقودية ومخالفات ارتكبتها مجموعاتٌ محسوبةٌ على المقاومة الشعبية التي تدعمها وتسلحها قوات التحالف، أبرزها في جنوب اليمن، حيث ذكرت وقائع السجون السرية والاختفاء القسري على يد قوات الحزام الأمني والنخبة الحضرمية، لكن لم يرق ذلك للعرض على مجلس الأمن، كون حظر التسليح يشمل تحالف الحوثي – صالح فقط باليمن، وليس الأطراف الأخرى.
في هذا المشهد خارق التعقيد، وخارق المأساوية، لا يوجد حل سهل، لا يمكن القول إن هناك طرفاً يمكنه سحق الآخر بشكل نهائي وقاطع، حروب السنة والشيعة الممتدة إلى عمق التاريخ لم تنته طوال أكثر من ألف عام. وفي المقابل، لا يمكن القول إنه يمكن ببساطة أن تنزل الهداية الإلهية على الجميع، ليقتنعوا بوقف آلة القتل في كل مكان. لكن على الأقل يجب على كل الأطراف الدولية السعي للوصول إلى حلول سياسية، أي حلول سياسية عاجلة، المهم ألا تشمل مزيداً من جثث الأطفال والمدن المحروقة.
روى الباحث اليمني، فارع المسلمي، قصة لافتة عن مدرسة يمنية ممولة بمنحة كويتية، تصدّت لمبعوثي الحوثيين بإنشاد الطلاب النشيد الجمهوري، هكذا بكُلفة أقل من صاروخ واحد قدم هؤلاء الطلاب أبلغ دفاعٍ عن قيم الجمهورية اليمنية ضد كل الأطراف المعتدية عليها.
لعل الأمل اليوم في أن نجد من يتبنى، على المدى الطويل، إنشاء آلاف وملايين من هذه "البؤر الجمهورية" في كل مكان في بلادنا، لعلنا نرى ذات يوم قيم المواطنة والجمهورية تسبق قيم القبلية والطائفية.
هذه القدرة على توحيد القيادة والسيطرة تمثل عنصراً رئيسياً في تمكّن إيران من دعم الأنظمة الموالية لها، وتحقيق انتصاراتٍ على أعدائها المُشرذمين المتقاتلين، وأيضاً في تجاهل الغرب لممارسات المليشيات الإيرانية، ما دام لا يخرج منها انتحاريون، يفجرون أنفسهم بعواصم العالم.
قبل أيام، شهد مجلس الأمن الدولي مشهداً إيرانياً آخر. استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) لمنع إدانة إيران، بتهمة خرقها قرار مجلس الأمن بمنع تصدير السلاح إلى تحالف الحوثي صالح، وذلك بعد صدور التقرير الرابع للجنة خبراء مجلس الأمن، المُشكلة بموجب القرار 1140.
وثّق التقرير الأخير للجنة، بأدلة قاطعة، وجود أجزاء صواريخ باليستية من الصناعة الإيرانية داخل اليمن، وهي التي تم استخدامها لقصف السعودية، بالإضافة إلى نقل إيران تكنولوجيا صناعة طائرات بدون طيار، ويُضاف هذا إلى وقائع مذكورة بتقارير سابقة، تشمل ضبط سفن قرب سواحل اليمن، تحمل أسلحةً، بعضها إيرانية صريحة، وبعضها يعود إلى دول تتعامل معها إيران مثل الصين، روسيا، كوريا الشمالية، كما تشمل صوراً ومقاطع فيديو صريحة لأسلحة إيرانية مميزة بيد الحوثيين.
ووثقت التقارير في سرد مطولٍ جرائم ارتكبها الحوثيون، تشمل تجنيد الأطفال، اختطاف الصحافيين، التعذيب، القصف العشوائي على المناطق المدنية.
على الرغم من ذلك كله، تمت إعاقة القرار، وكان دفاع روسيا وإيران أنه حتى لو ثبت أن هذه الصواريخ والأسلحة إيرانية، فإنه لم يثبت كيفية وصولها إلى داخل اليمن!
على جانب آخر، وجهت التقارير انتقاداتٍ مقابلة للتحالف العربي، بوقائع تشمل مقتل مدنيين في قصف الطيران، واستخدام قنابل عنقودية ومخالفات ارتكبتها مجموعاتٌ محسوبةٌ على المقاومة الشعبية التي تدعمها وتسلحها قوات التحالف، أبرزها في جنوب اليمن، حيث ذكرت وقائع السجون السرية والاختفاء القسري على يد قوات الحزام الأمني والنخبة الحضرمية، لكن لم يرق ذلك للعرض على مجلس الأمن، كون حظر التسليح يشمل تحالف الحوثي – صالح فقط باليمن، وليس الأطراف الأخرى.
في هذا المشهد خارق التعقيد، وخارق المأساوية، لا يوجد حل سهل، لا يمكن القول إن هناك طرفاً يمكنه سحق الآخر بشكل نهائي وقاطع، حروب السنة والشيعة الممتدة إلى عمق التاريخ لم تنته طوال أكثر من ألف عام. وفي المقابل، لا يمكن القول إنه يمكن ببساطة أن تنزل الهداية الإلهية على الجميع، ليقتنعوا بوقف آلة القتل في كل مكان. لكن على الأقل يجب على كل الأطراف الدولية السعي للوصول إلى حلول سياسية، أي حلول سياسية عاجلة، المهم ألا تشمل مزيداً من جثث الأطفال والمدن المحروقة.
روى الباحث اليمني، فارع المسلمي، قصة لافتة عن مدرسة يمنية ممولة بمنحة كويتية، تصدّت لمبعوثي الحوثيين بإنشاد الطلاب النشيد الجمهوري، هكذا بكُلفة أقل من صاروخ واحد قدم هؤلاء الطلاب أبلغ دفاعٍ عن قيم الجمهورية اليمنية ضد كل الأطراف المعتدية عليها.
لعل الأمل اليوم في أن نجد من يتبنى، على المدى الطويل، إنشاء آلاف وملايين من هذه "البؤر الجمهورية" في كل مكان في بلادنا، لعلنا نرى ذات يوم قيم المواطنة والجمهورية تسبق قيم القبلية والطائفية.