تتجه الأنظار في الانتخابات التركية التي تُجرى يوم غد الأحد نحو جيل الشباب أو ما يُعرف بـ"جيل زد"، إذ يشارك قرابة 5 ملايين شاب في هذه الانتخابات للمرة الأولى. وفي وقت تعوّل فيه المعارضة التركية ممثلة في مرشحها كمال كلجدار أوغلو على أصواتهم، خصوصاً أنهم لم يعاصروا سوى حكومات من حزب "العدالة والتنمية"، يرى الأخير أنّ أصوات هؤلاء ستصبّ في صالحه، خصوصاً أنه من أتاح لهم حقّ التصويت، بعد أن كان في الدورة الانتخابية السابقة ينحصر بمن هم فوق سنّ الخامسة والعشرين.
وبحسب أرقام الهيئة العليا للانتخابات، فإن 4 ملايين و904 آلاف و672 شخصاً يحق لهم الانتخاب للمرة الأولى، يضاف إليهم 47 ألفاً و523 ناخباً في حال امتدت الانتخابات الرئاسية إلى دورة ثانية، إذ يكون هؤلاء قد بلغوا الـ18 عاماً، وبذلك يقترب رقم جيل الشباب، الذي ينتخب للمرة الأولى، من خمسة ملايين ناخب.
ميل للتغيير
وفي هذا السياق، يقول المحلل السياسي جواد غوك، من حزب "الشعب الجمهوري" الذي يتزعمه مرشح المعارضة كمال كلجدار أوغلو، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "هذا الجيل الذي سيصوّت للمرة الأولى في هذه الانتخابات عاصر حكومات حزب العدالة والتنمية لمدة 20 عاماً، ولم يعش إلا في ظلّ حكومة رجب طيب أردوغان، ولهذا السبب فإنّ إرادة التغيير موجودة لديه"، لافتاً إلى أن "استطلاعات الرأي تشير إلى أن أكثريتهم ترفض حكومة أردوغان، وتميل للمعارضة التركية وكلجدار أوغلو والتغيير في تركيا، وهذا أمر طبيعي جداً".
ويضيف: "بالنتيجة نحن في بلد ديمقراطي، وتقييد الحريات موجود في بعض الجوانب بالنسبة للشباب، وهم حساسون جداً تجاه هذا الموضوع، ولهذا يُعتبر ميلهم للمعارضة أمراً طبيعياً". ويرى أن "الشباب سيكونون من الجهات المهمة جداً لنتيجة الانتخابات، لأن هذا الجيل الجديد يشكل 10 بالمائة من إجمالي الأصوات، ويمكن أن يؤثر بشكل كبير على نتائجها هذه المرة، ولهذا السبب كانت عيون الأحزاب مركّزة عليه في الدعاية الانتخابية".
وإذ لا ينفي غوك شعبية الرئيس أردوغان لدى الشباب، يقول إن "هذا الجيل يريد أن يرى وجوهاً جديدة في هذه الانتخابات، وعلى الرغم من الإمكانيات التي قدّمها أردوغان له، إلا أننا نلاحظ إرادة التغيير في هذا الجيل أكثر من سائر الطبقات والفئات العمرية".
مصطلح "غربي"
في المقابل، ينتقد عضو حزب "العدالة والتنمية"، والمحلل السياسي يوسف كاتب أوغلو، استخدام تعبير "التغيير" في الحديث عن اتجاهات جيل الشباب للتصويت في انتخابات الأحد، معتبراً أن هذا المصطلح "غربي". ويسأل في حديث مع "العربي الجديد"، "من قال إن غالبية الشباب سيصوتون للتغيير؟ هذا أمر إعلامي. هل تم إحصاء ذلك؟ هل هناك معلومات تؤيد الأمر؟ كلا".
ويخلص إلى أنه "بالتالي واضح تماماً أن الذين يريدون التغيير من خارج تركيا يستخدمون هذا الجيل وهذه المصطلحات وفئة الشباب، من أجل دعم فكرة أن هناك من يريد أن يغيّر الرئيس أردوغان"، مضيفاً: "لا أحد يغيّر الناجح إلا من كان عقله غير ناجح".
ويذكّر كاتب أوغلو بأن "الرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية منحا أهمية كبرى لجيل الشباب أو ما يُسمّى جيل زد، من خلال إجراءات على أرض الواقع، إذ قاما بسنّ قوانين وتشريعات لتخفيض سنّ الترشح للانتخابات وسنّ الاقتراع من ثلاثين عاماً، إلى 25 عاماً في عام 2010، ثم 18 عاماً في الدورة الحالية".
ويعتبر أنه "لم تكن لتتاح الفرصة للشباب لو لم تحصل هذه التعديلات الدستورية، وبالتالي فإنّ من فتح الباب لهذا الجيل، وتحديداً من هم في سنّ 18 عاماً، هو الرئيس أردوغان وحزبه، وهذا مؤشر على الأهمية التي يوليها الرئيس أردوغان لهذا الجيل".
ويتابع: "التغيير حق يُراد به باطل، فالتغيير إذا ما قُصد به التطوير، فأردوغان هو الذي فتح الباب للتغيير والتطوير من خلال مشاريع حقيقية، عندما أطلق مشروع توظيف مليون مبرمج في الدولة التركية التي تريد أن تصبح دولة إلكترونية، وفتح المجال لخريجي الذكاء الاصطناعي، والتركيز على العقول النابغة وتهيئة دعم الدولة لهم، وهذا يدلّ على اهتمام الدولة وأردوغان بهذا الجيل، بالإضافة إلى الصناعات العسكرية الدفاعية".
ويلفت كاتب أوغلو إلى أن "30 بالمائة تقريباً من الأعضاء المسجلين في حزب العدالة والتنمية هم من جيل الشباب، أي ما يضاهي 3 ملايين شخص، بمعنى أن نصف الناخبين الجدد هم من أعضاء حزب العدالة والتنمية، وهذا يدل على أن من تهتم به، يهتم بك"، متوقعاً أن "يصوّت هذا الجيل بغالبيته لصالح الحزب الذي هيأ له الأرضية للمشاركة في هذه الانتخابات".
انقسام الآراء
وفي جولة لـ"العربي الجديد" في الشارع التركي، انقسمت آراء الشباب بين مؤيّد للرئيس أردوغان، وداعم لمنافسه كلجدار أوغلو. وفي هذا السياق، تقول شابة عشرينية لـ"العربي الجديد"، إن "الشباب مهتمّون بحريتهم، ولهذا السبب فهم يؤيدون كلجدار أوغلو، ويرون أنّ الحكم يجب أن يتغيّر". في المقابل، تعارضها شابة أخرى تشارك في الانتخابات التشريعية والرئاسية للمرة الأولى، متحدثة عن أنها لم تعرف سوى حكم "العدالة والتنمية"، وهي راضية عن الوضع العام في تركيا، مضيفةً أنّها لا تؤمن بأنّ بإمكان تحالف المعارضة تحسين الأمور.
يذكر أنه بحسب هيئة الإحصاء التركية (TÜIK)، فإنه مِن أصل 62.4 مليون تركي سيصوتون، يوجد قرابة 13 مليوناً منهم تنطبق عليهم تسمية "جيل زد"، إذ تتراوح أعمارهم بين 18 و25 سنة.
و"جيل زد"، هو مصطلح يشير إلى الشبان الذين وُلدوا في الألفية الثالثة. وهذا الجيل في تركيا لا يعرف حال بلاده قبل تولي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزب "العدالة والتنمية" الحكم قبل 20 سنة. كما أنه نشأ في عصر الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية.
ويأتي التنافس على هذه الفئة في ظل بلوغ نسبة بطالة الشباب الأتراك، الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و25 سنة، عند مستوى 25 في المائة، بحسب هيئة الإحصاء.