أدى عشرات آلاف الفلسطينيين، اليوم الثلاثاء، صلاة عيد الأضحى في المسجد الأقصى، وسط وجود كثيف للقوات الإسرائيلية على أبواب البلدة القديمة والأقصى ومحيطهما، بحسب شهود عيان.
وركزت خطب العيد في فلسطين المحتلة على الانتهاكات التي يتعرض لها المسجد الأقصى، والحصار على غزة، فضلاً عن التمسك برفض "صفقة القرن".
وقدّر مسؤول الإعلام في الأوقاف الإسلامية فراس الدبس أعداد المصلين في المسجد الأقصى بنحو 100 ألف، قصدوا المسجد من القدس ومحيطها، ومن الداخل الفلسطيني، وبعض
الأقطار العربية والإسلامية.
وجدّد المفتي وخطيب المسجد الأقصى، الشيخ محمد حسين، في خطبة صلاة العيد، تصميم المقدسيين والمرابطين على الدفاع عن مسجدهم أمام محاولات الاحتلال ومستوطنيه لتهويده.
وندد الشيخ حسين، بسماح حكومة الاحتلال وعلى رأسها بنيامين نتنياهو، لأعضاء متطرفين من اليمين في الكنيست الإسرائيلي، باستباحة المسجد الأقصى.
وفي السياق، جدّد رئيس الوزراء الفلسطيني، رامي الحمد الله، تأكيد تمسك القيادة الفلسطينية بالعمل من أجل الوصول إلى الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
جاء ذلك في كلمة مقتضبة للحمد الله عقب أداء صلاة عيد الأضحى في مسجد الضريح في مقر الرئاسة الفلسطينية في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، بحضور أعضاء من القيادة واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واللجنة المركزية لفتح، وممثلي الفصائل.
وقال: "القيادة الفلسطينية ملتزمة رغم الضغوط التي يتعرض لها الرئيس محمود عباس، بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
وأضاف: "الضغوطات والتهديدات التي تتعرض لها القيادة لن تثنيها عن القيام بواجباتها تجاه أبناء شعبنا، وندعو أبناء شعبنا في داخل الوطن والخارج إلى الالتفاف حول قيادتنا ممثلة بالرئيس عباس ومنظمة التحرير الفلسطينية، ونشيد بنتائج ومقررات اجتماعات المجلس المركزي الأخيرة، التي ستكون الحكومة إحدى أدوات تنفيذ هذه المقررات".
وفي غزة، قال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، اليوم الثلاثاء، إنّ قطاع غزة أمام مشهد مستجد يترنح فيه الحصار الإسرائيلي المفروض عليه للعام الـ(12) على التوالي.
وأضاف هنية، خلال خطبة صلاة العيد، التي ألقاها في ساحة السرايا بمدينة غزة: "اليوم بفضل مسيرات العودة وكسر الحصار الحدودية (انطلقت منذ نهاية مارس/آذار الماضي)، وتضحيات الشعب الفلسطيني، بات الحصار يترنح، وهو قاب قوسين أو أدنى من النهاية".
وأكّد أن حركته "تسير في طريق إنهاء الحصار عن القطاع دون دفع أي ثمن سياسي".
وشدّد على أن الحصار سيتم رفعه "بتفاهم وطني، وشبكة أمان عربية من أجل وضع الضمانات اللازمة لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه".
وبيّن هنية أن قطاع غزة وضع نفسه "بقوة على كل طاولات البحث الوطني والإقليمي والدولي".
وأشار إلى أن بحث حصار قطاع غزة ما كان ليحدث لولا "مسيرة العودة وصمود الشعب الفلسطيني وتضحياته".
ولفت إلى وجود حراك "ومفاوضات وحوارات برعاية مصرية، ومتابعة الأمم المتحدة، ودول عربية كثيرة (لم يسمّها)".
واعتبر هنية أن "هذه المرحلة تشهد سقوطاً مدوياً لصفقة القرن التي وقفت وراءها الإدارة الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية، وحق العودة".
وأرجع ذلك إلى مسيرة "العودة" التي قال إنها "أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة، وأحيت حق العودة في ذاكرة الأجيال، وفضحت الاحتلال".
وحول زيارة وفود الفصائل الفلسطينية إلى القاهرة، قال هنية: "تحركت في مسارين؛ مسار فلسطيني داخلي كي نتوافق فلسطينياً على رؤيتنا الجامعة نحو المصالحة الفلسطينية، لحماية الحقوق والثوابت ورفع الحصار عن غزة".
وتابع: "والمسار الثاني الحوار الذي جرى بين الفصائل الفلسطينية ومصر كي يتوافق الفلسطيني مع المصري مع العربي مع المسلم على معالم واستراتيجيات المرحلة (...) مواجهة الاحتلال تمر أولاً عبر وحدة وطنية فلسطينية وإسناد عربي وتفهم دولي للحقوق".
وعن المصالحة الفلسطينية، أكّد هنية أن حركته "متمسكة بتحقيق المصالحة الحقيقية".
وأضاف: "حتّى نحققها لا بد على السلطة الفلسطينية من رفع العقوبات المفروضة على القطاع، والالتزام بتطبيق الاتفاقيات عام 2011، ثم نذهب لتشكيل حكومة وحدة وطنية، ثم لاجتماع مجلس وطني توحيدي على أساس اتفاقات القاهرة، ومن ثم الذهاب للانتخابات العامة (رئاسية وتشريعية ومجلس وطني فلسطيني)".
والجمعة الماضية، اختتمت فصائل فلسطينية جولة مشاورات بالعاصمة المصرية القاهرة حول المصالحة والتهدئة مع إسرائيل.
ومن أبرز الفصائل التي شاركت في تلك المشاورات، التي انطلقت منذ الثلاثاء الماضي: "حماس"، و"الجهاد الإسلامي"، و"حركة الأحرار"، و"حركة المجاهدين"، و"جبهة النضال الوطني".
ومن المقرر، بحسب حركة "حماس"، أن يتم استئناف جولة المشاورات بعد عيد الأضحى.
ومنذ أسابيع، تناقش حركة "حماس" مع مصر والأمم المتحدة، مقترحاً لتحقيق المصالحة ووقف إطلاق النار (تهدئة مع إسرائيل)، وتنفيذ مشاريع إنسانية في قطاع غزة.
ويعاني قطاع غزة من تردٍ كبير في الأوضاع الاقتصادية والإنسانية، جراء الحصار المستمر منذ 2006، وتعثر جهود المصالحة الفلسطينية الداخلية.
(العربي الجديد، الأناضول)