بعدما أطيح بنظام حركة "طالبان" في أفغانستان نهاية عام 2001، ربط محللون عقود الحرب السابقة والاضطرابات السياسية في البلاد بارتفاع مستويات الأمية، وتلاعب دول أجنبية قريبة وبعيدة بنقص تعليم الأفغان. يورد تقرير نشره موقع "تايمز هاير إيديوكيشن" أنه بعد عشرين عاماً من إطاحة حكم طالبان، كادت آمال إخراج أفغانستان من نكبة ضعف التعليم أن تتحقق بمساعدة الجهات الدولية المانحة والمنظمات غير الحكومية، إذ جرى تسجيل ملايين الأطفال في المدارس، وأتيحت للطلاب الذين أكملوا الثانوية العامة فرصة الالتحاق بمؤسسات عدة للتعليم العالي الخاصة والعامة التي أنشئت في أنحاء البلاد، أو تقديم طلبات للحصول على منح حكومية لمتابعة دراستهم في الخارج. وانضم أكاديميون إلى برامج دولية لتبادل الخبرات وتطوير طرق التدريس، وبينها تلك التي تركز على نتائج الطلاب وتتفاعل معها. ووقّعت جامعات مذكرات تفاهم مع أخرى إقليمية ودولية في مجالات التعاون البحثي والتدريب على المناهج وبرامج التبادل والمنح. كما استجابت لمطالب الترويج لاستخدام المنصات الدولية للتعلم الإلكتروني، مثل "أي دي إكس"، في وقت صممت وزارة التربية منصة وطنية للتعليم والتعلم عبر الإنترنت. كذلك، حدّثت الوزارة المناهج الدراسية، وشجعت أعضاء هيئة التدريس على إجراء أبحاث في مختلف مشكلات المجتمع، وقدمت منحاً. لكن تقدمها واجه أيضاً عقبات التركيز على كمية التعليم بدلاً من جودته، فيما لم يسمح الفساد بوصول تبرعات دولية إلى كل الكفاءات المستهدفة.
وهكذا يمكن القول إن تقدم التعليم في أفغانستان لم يكن مثالياً لكنه تحسّن وبدأ يقف على قدميه على الساحة الدولية. لكن عودة طالبان إلى الحكم قد تنسف ما تحقق، خصوصاً في ظل انشغال الناس بتحديد ما تعنيه السيطرة عليهم، ومعالجة تداعيات مزيد من التدهور الأمني والقتل، علماً أن وقف منظمات دولية كثيرة مساعداتها المالية سيضر ببرامج التعليم.
ورغم تأكيدها الحرص على الحفاظ على مكاسب الأعوام العشرين الأخيرة، لم تتوان "طالبان" عن استبدال مستشار جامعة باكتيا (شرق) المجاز بالدكتوراه، بآخر حاصل على درجة بكالوريوس في الشريعة فقط، ما أزعج أساتذة جامعيين وجعلهم يطرحون إلى جانب الاستفسارات الأكثر تداولاً حول مصير تعليم الفتيات، السؤال عن حفاظ الحركة على مناهج التعليم المحدّثة. وهنا لا أحد يعرف ماذا سيحصل، لكن من الخطر جداً مسح 20 عاماً من التقدم بغمضة عين، يختم التقرير.