حتى اليوم، لا تعلم الطفلة ليان (7 سنوات) وشقيقها الأصغر حسن (5 سنوات) أن والدتهما ابتسام الكعابنة (28 عاماً) قد استشهدت، على الرغم من مرور أكثر من أسبوع على استهداف الأُمّ من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي المتمركزة عند حاجز قلنديا العكسري المقام شمال القدس، كما تقول لـ "العربي الجديد" عائلة الشهيدة الكعابنة من مخيم عقبة جبر في مدينة أريحا، شرق الضفة الغربية.
وتخشى والدة الشهيدة وجدة الطفلين حسنية الكعابنة (52 عاماً) ردة فعل حفيديها حين يعلمان بالأمر، قائلة: "ليان شديدة التعلق بوالدتها. ولا تعلم هي وشقيقها حسن باستشهاد والدتهما حتى الآن".
قبلَ استشهاد ابتسام في الثاني عشر من الشهر الجاري بنحو ساعتين، التقت طفليها في منزل عائلتها في مخيم عقبة جبر. ولم يكن يعلم أحد أنها ستلعب وتضحك معهما للمرة الأخيرة. يقول والد الشهيدة خالد كعابنة (56 عاماً) لـ "العربي الجديد": "لا أعرف ما الذي حصل، وكيف استشهدت ابتسام التي كانت تلاعب طفليها قبل ساعتين من مفارقتها الحياة. وبعدما غادر طفلاها إلى والدهما، غادرت هي المنزل وعلمنا باستشهادها".
"سوف أعتني بطفليّ ابنتي ابتسام كما كانت تعتني هي بهما. وكما كانت تُخصص ثلاثة أيام من كل أسبوع لرعايتهما، سأفعل أنا وأحضرهما إلى منزلنا لتنفيذ وصية ابتسام لنا بالاعتناء بليان وحسن"، تقول جدة الطفلين بحسرة. مزّق رحيل ابتسام قلب عائلتها وشكل استشهادها صدمةً كبيرة.
وتقول شقيقتها لينا الكعابنة (29 عاماً) إن الاحتلال الإسرائيلي قال إن شقيقتها ابتسام حاولت تنفيذ عملية طعن. وتوضح لـ "العربي الجديد: "شكّل خبر استشهاد ابتسام صدمة وفاجعة لنا، وحتى الآن لم يستوعب أهلي أن ابتسام قد استشهدت بالفعل، وفوق هذا تبقى حسرة احتجاز الاحتلال لجثمانها في القلب حتى اللحظة".
وكان لاستشهاد الكعابنة تأثير كبير على الأسيرات المحررات منهن والمعتقلات في سجون الاحتلال، هي التي قضت في سجون الاحتلال عاماً وستة أشهر قبل تحريرها عام 2016. وعند انتشار خبر استشهادها، اتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ردود فعل أسيرات محررات صدمن برحليها المفاجئ. وتقول لينا: "شقيقتي الشهيدة كانت محبوبة من الجميع، وتُحب الناس والحديث معهم، بما فيهم زميلاتها الأسيرات في سجون الاحتلال".
وكتبت الأسيرة المُحررة شيرين العيساوي على صفحتها على "فيسبوك": "صدمني الخبر، ابتسام إحدى رفيقاتي في الزنزانة". وتحكي بعضاً من صفاتها: "ابتسام الرصينة، صاحبة الابتسامة الخجولة التي لم يفارق القرآن الكريم يدها، طالبتي المجتهدة في دروس اللغة الإنكليزية والعبرية داخل المعتقل. ابتسام الأم التي ذرفت دموعها سراً في ليالي المعتقل الكئيبة، أعاود قراءة محادثاتنا على المسنجر ويعتصر قلبي حزناً".
غادرت ابتسام الحياة في الثاني عشر من الشهر الجاري، هي التي لم تكن تشكل أي خطر على جنود الاحتلال الإسرائيلي قرب حاجز قلنديا. إلا أن جنود الاحتلال استهدفوها بادئ الأمر برصاصة في القدم بحسب ما تفيد به عائلتها، ثم برصاصة في البطن، مع تعمد تركها تنزف لما يزيد على نصف ساعة حتى استشهدت.
وفي اليوم نفسه، أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، عن استشهاد الأسيرة المحررة ابتسام كعابنة، من مخيم عقبة جبر في أريحا شرقي الضفة الغربية، بعدما أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي النار عليها على حاجز قلنديا شمال القدس المحتلة. وأوضحت، في بيان، أن الاحتلال أطلق النار على كعابنة بعد الظهر، وأصابها بجروح خطرة، وتركها ملقاة على الأرض تنزف حتى استشهدت، وأغلق الحاجز بالكامل، ومنع مرور المركبات والمارة.