تستعدّ دول عدة، من بينها إيطاليا وفرنسا وألمانيا، اليوم الجمعة، لاستئناف التطعيم بلقاح أسترازينيكا المضاد لفيروس كورونا، في وقت تفرض فرنسا إغلاقاً جديداً على نحو ثلث سكانها. وفي السياق نفسه، أعلنت ألمانيا عن ارتفاع متسارع وبشكل واضح في عدد الإصابات بالوباء.
وتستأنف ألمانيا وفرنسا، على غرار إيطاليا وبلغاريا وسلوفينيا، حملات التطعيم بلقاح أسترازينيكا، على أن تحذو حذوها دول أخرى، من بينها إسبانيا والبرتغال وهولندا. وعلى غرار نحو 15 دولة أخرى، علّقت فرنسا احترازياً استخدام لقاح أسترازينيكا بعد تسجيل أعراض جانبية مثل تخثّر الدم وجلطات دموية. في المقابل، ستنتظر النرويج والسويد إكمال تقييمهما الخاصّ للّقاح الأسبوع المقبل لاستئناف استخدامه أم عدمه. وقال فريق طبّي نرويجي إنّه يرى صلةً بين هذا اللقاح وجلطات لوحظت لدى مرضى ومتوفين بعد بضعة أيام من الجرعة الأولى.
وسجلت النرويج، حيث تم إعطاء 120 ألف جرعة من لقاح أسترازينيكا، ست حالات من الآثار الجانبية الخطيرة، اثنتان منها أدتا إلى الوفاة.
وكانت الوكالة الأوروبية للأدوية قد أعلنت أن لقاح أسترازينيكا "آمن وفعّال"، وخصوصاً أن الاتحاد الأوروبي يعاني نقصاً في اللقاحات ويعتمد على ملايين الجرعات منه. وأوضحت مديرة الوكالة إيمر كوك، في مؤتمر عبر الفيديو، أنّ الوكالة "خلُصت أيضاً إلى أنّ اللقاح غير مرتبط بزيادة خطر الإصابة بجلطات دموية".
وقبل وقت قصير من إعلان الوكالة الأوروبية للأدوية، أكدت هيئة صحية ناظمة بريطانية مستقلة، والتي كانت تقيّم لقاحي أسترازينيكا وفايزر، أنه "لا توجد أدلة على أن جلطات الدم في العروق تحدث بشكل متكرر أكثر مما هو متوقع في غياب التطعيم، والحال كذلك بالنسبة للقاحين"، بحسب ما نقلت "فرانس برس".
وتعليقاً على موقف الوكالة الأوروبية للأدوية، قالت كبيرة أطباء شركة أسترازينيكا آن تايلور: "نرحّب بقرارات الهيئات الناظمة التي تؤكد فائدة لقاحنا للحدّ من تفشي الوباء". في الوقت نفسه، حث مسؤولون ألمان السلطات الأوروبية على تسريع النظر في لقاح سبوتنيك-في الروسي والاستعداد لتوزيعه في الاتحاد الأوروبي ما أن يرخص له، في وقت أعلن صندوق الاستثمار المباشر الروسي الذي موّل تطوير اللقاح أن الفيليبين رخّصت "الاستخدام الطارئ" له.
وفي الولايات المتحدة، تسارعت وتيرة التلقيح بشكل كبير خلال الأسابيع الأخيرة، بمعدل 2,4 مليون جرعة في اليوم. وقال الرئيس جو بايدن إن الهدف الذي حدّده بإعطاء مائة مليون جرعة لقاح في غضون أول مائة يوم من ولايته سيتحقق الجمعة، أي قبل أكثر من 40 يوماً من انقضاء المهلة التي كان قد حددها.
على الضفة الأخرى من المحيط الأطلسي، أعلنت بريطانيا انخفاضاً في إمداداتها باللقاحات في نيسان/ إبريل المقبل، وهو ما يُحتمَل أن يُبطئ حملتها للتطعيم التي تُعتبر من الأكثر تقدّماً على مستوى العالم. وأفادت وسائل إعلام بريطانية بأنّ مشكلة الإمدادات ناجمة عن تأخّرٍ في تسليم خمسة ملايين جرعة مصنّعة في الهند.
من جهتها، أعلنت المفوضية الأوروبية أنها ستفعّل إجراء تعاقدياً لحلّ النزاع مع أسترازينيكا، التي ظهر أنّ عدد عمليات تسليم الجرعات من لقاحها أقلّ ممّا كان متوقعاً.
من جهة أخرى، أعلنت الحكومة الفرنسية فرض إغلاق هو الثالث خلال عام، لكن أكثر مرونة من الحجرين السابقين، مشيرة إلى وجود "موجة ثالثة" من الوباء في البلاد، التي يقترب عدد الوفيات فيها من عتبة مائة ألف من جراء الفيروس. وسيخضع أكثر من عشرين مليون فرنسي للعزل مدة شهر اعتباراً من اليوم الجمعة. كما ستبقى المدارس والمتاجر الأساسية مفتوحة.
واكتظت القطارات الرابطة بين المدن بالباريسيين الذين أرادوا مغادرة العاصمة باريس قبل ساعات من الإغلاق الجديد. ويتسارع تفشي الوباء في البلاد، وقد سُجّلت أكثر من 38 ألف إصابة جديدة خلال 24 ساعة.
وفي ألمانيا، أعلن نائب رئيس معهد روبرت كوخ للصحة العامة لارس شاده أن ألمانيا تواجه ارتفاعاً "متسارعاً بشكل واضح جداً" في عدد الإصابات بفيروس كورونا، مرتبطاً بشكل خاص بانتشار النسخة المتحوّرة البريطانية من الفيروس. وقال في مؤتمر صحافي: "من الممكن جداً أن يكون لدينا وضع مماثل في عيد الفصح للوضع الذي شهدناه قبل عيد الميلاد، مع عدد إصابات مرتفع جداً والكثير من الحالات الخطيرة والوفيات ومستشفيات مكتظة"، وفق ما أفادت وكالة "فرانس برس".