- الطلاب يتخذون إجراءات للحفاظ على السرية ويؤكدون على استمرار الاعتصام دون جدول زمني محدد، معتمدين على الدعم المجتمعي لتحقيق مطالبهم.
- المطالب تشمل سحب الاستثمارات من إسرائيل، المساءلة لضمان الشفافية، وقطع العلاقات مع مصنعي الأسلحة المساهمين في صراع غزة، في ظل تقارير عن تمويلات كبيرة من شركات الأسلحة للجامعة.
يدخل المخيم الطلابي من أجل غزة في جامعة شيفيلد البريطانية أسبوعه الثالث، بالتزامن مع تصاعد حركة الاحتجاج ضدّ إدارة الجامعة بهدف وقف استثماراتها مع إسرائيل. ولعلّ آخر الخطوات الاحتجاجية في هذا السياق رشّ واجهة مبنى الإدارة التاريخي في الجامعة بالطلاء الأحمر، من قبل مجهولين. ويندرج هذا المخيم في إطار الاحتجاجات الطالبية التي تتمدّد في جامعات بريطانيا، تضامناً مع قطاع غزة وتنديداً بالإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال بحقّ الفلسطينيين في القطاع المحاصر منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
في زيارة إلى المخيم المنصوب أمام مبنى نقابة الطلاب في جامعة شيفيلد، الواقعة في المدينة التي تحمل الاسم نفسه في منطقة جنوب يوركشير في إنكلترا، لاحظ "العربي الجديد" مدى حذر الطلاب المعتصمين في تعاملهم مع وسائل الإعلام، علماً أنّ لافتة عُلّقت عند واجهة المخيم وقد كُتب عليها "تجنّب التقاط صور وفيديوهات لوجوه الطلاب". في البداية، رفض الطلاب المعنيّون إجراء أيّ مقابلة، بسبب تجارب سابقة وصفوها بأنّها سيّئة مع عدد من وسائل الإعلام البريطانية التي عمدت إلى تصويرهم بطريقة سيّئة بحسب ما أفادوا، لكنّهم وافقوا لاحقاً على إعطائنا فرصة لمقابلتهم والدخول إلى المخيم.
نشاط طلابي متواصل في جامعة شيفيلد حتى تحقيق المطالب
وثمّة إجراءات محدّدة يعتمدها طلاب الجامعات البريطانية المحتجّون والمتضامنون مع غزة في مخيماتهم عموماً، ولا سيّما ما يتعلّق بتحديد متحدّثين باسمهم إلى وسائل الإعلام، وذلك بعد تدريب خاص على كيفية التعامل مع وسائل الإعلام وتمثيل المخيم. كذلك، يختار الطلاب أسماء مختلفة عن أسمائهم الأصلية في خلال نشاطهم في المخيم، للحفاظ على السرية تجنّباً لأيّ ملاحقة مستقبليّة أو مساءلة قانونيّة، علماً أنّ ثمّة أشخاصاً يفضّلون عدم استخدام أيّ اسم، لا أصلي ولا بديل.
عند سؤال طالبة من المعتصمين في مخيم جامعة شيفيلد غطّت وجهها بكوفية في خلال حديث إلى "العربي الجديد" عن سبب ذلك، وعن احتمال وقوع خطر على الطلاب الناشطين، أجابت بأنّ "ثمّة خطراً على النشاط بحسب ما أعتقد. كذلك أعتقد أنّ الطلاب الذين يشاركون في نشاط يشتمل على تعطيل، يُلاحَقون من قبل إدارة الجامعة تاريخياً، ونشعر بأنّ من المرجّح أن يكون هذا صحيحاً اليوم أكثر من أيّ وقت مضى".
أضافت الطالبة نفسها: "ثمّة طلاب هنا حُقّق معهم بالفعل أو واجهوا مشكلات مع الإدارة، وبالتالي فإنّ كثيرين منّا يتستّرون، وثمّة آخرين منّا لم يُستهدَفوا بعد يتستّرون كلياً بواسطة الكوفية"، مشيرةً إلى أنّ من شأن ذلك أن "يصعّب على الإدارة تحديد الطلاب الأكثر عرضة للخطر". وعن المدّة التي سوف يقضونها في الاعتصام لتحقيق مطالبهم، قالت الطالبة المحتجّة: "أودّ أن أوضح أنّنا لم نحدّد جدولاً زمنياً. لدينا المثابرة والدعم المجتمعي للمضيّ قدماً بقدر ما نحتاج إليه من وقت"، مشدّدةً على أنّ "نحن نحدّد متى ينتهي الاعتصام. فنحن مستمرّون في التصعيد في الجامعة بهدف تحقيق مطالبنا".
من جهتها، عرضت طالبة ناشطة تُطلق على نفسها اسم "أورنج" (برتقال) مطالب مخيم جامعة شيفيلد لـ"العربي الجديد". وشرحت أنّها ثلاثة مطالب "سحب الاستثمارات، والمساءلة عن سحب الاستثمارات لمعرفة أين يجري الاستثمار، ودعوة الجامعة إلى قطع كلّ العلاقات مع مصنّعي الأسلحة الذين يساعدونهم في الوقت الراهن في تصميم طائرات إف-35 تحديداً، تلك التي تستخدمها إسرائيل ضدّ المدنيين والأطفال في قطاع غزة".
وأفادت أورنج: "نريد قطع كلّ العلاقات مع المؤسسات، بما في ذلك الجامعات الإسرائيلية وكذلك شركات التكنولوجيا التي تُستخدَم لمراقبة الطلاب عبر التطبيقات هنا في جامعة شيفيلد". وعن المساءلة قالت: "نريد المساءلة، لذلك نريد وضع أساليب تضمن الشفافية والتواصل مع الإدارة العليا بخصوص كيفية ورود أرباحنا، ومن أين تأتي الأموال وإلى أين تذهب"، وذلك "حتى نتمكّن من تحمّل المسؤولية فنكون مؤسسة أخلاقية حقاً تخدم الناس". وعن ردّ الإدارة على المطالب، بيّنت أورنج أنّ المسؤولون في الجامعة "لم يدخلوا في أيّ نوع من المفاوضات معنا حتى الآن، ولم يشيروا إلى أنّهم مهتمّون بالدخول في مفاوضات. لقد سمحوا لنا بأن نحضر إلى هنا ونحتجّ، لكنّهم تجاهلونا إلى حدّ كبير".
تجدر الإشارة إلى أنّ مخيم جامعة شيفيلد يشهد فعاليات يوميّة يحضرها طلاب، وقد عُرضت في خلال زيارتنا المخيم مجموعة من الأفلام الفلسطينيّة على شاشة صغيرة. كذلك يحضر ناشطون من حركة التضامن في مدينة شيفيلد لدعم الطلاب، وقد نصبوا خيمة لهم إلى جانب المخيم الطلابي.
جامعة شيفيلد متورطة في صناعة الأسلحة
في سياق متصل، كشف تقرير جديد للعاملين في جامعة شيفيلد أنّها تتلقّى أموالاً من شركات أسلحة أكثر من أيّ جامعة أخرى في بريطانيا. ويقدّر التقرير، الذي يأتي تحت عنوان "تقرير الإبادة الجماعية والتواطؤ في الفصل العنصري"، والذي نشره أوّل من أمس الأربعاء "تحالف حرم شيفيلد الجامعي من أجل فلسطين" (إس سي سي بي)، أنّ الجامعة تجري أبحاثاً متعلقة بالأسلحة بقيمة عشرات، إن لم يكن مئات ملايين الجنيهات الإسترلينية.
كذلك وجد التقرير أنّ جامعة شيفيلد تمكّن شركات الأسلحة من استخدام دافعي الضرائب لتمويل ما يصل إلى 95 في المائة من تكاليف البحث والتطوير. وقد سلّط الموظفون الضوء على أنّ قسم الهندسة في الجامعة حصل على 72 مليون جنيه إسترليني (نحو 92 مليون دولار أميركي) من شركات الأسلحة مثل "بوينغ" و"إيرباص" و"رولز رويس" و"بي إيه إي سيستمز" بين عام 2012 وعام 2022، مبيّنين أنّ ذلك أكثر من أيّ جامعة بريطانية أخرى.
ومن بين أكثر النقاط التي تثير قلق "تحالف حرم شيفيلد الجامعي من أجل فلسطين" تورّط الشركات في إنتاج الأجزاء الأساسية في الأسلحة والطائرات الحربية المرسلة إلى إسرائيل وتستخدم لاستهداف المدنيين الفلسطينيين. يُذكر أنّ التقرير نُشر بالتزامن مع الذكرى السادسة والسبعين للنكبة الفلسطينية (15 مايو)، فيما الحرب الإسرائيلية متواصلة على قطاع غزة، وقد تسبّبت في سقوط 35 ألفاً و303 شهداء إلى جانب 79 ألفاً و261 جريحاً وأكثر من عشرة آلاف مفقود، معظمهم من الأطفال والنساء، بحسب آخر البيانات الصادرة اليوم الجمعة.