كارثة تهدد بحيرة جنوبي الحسكة

القامشلي

سلام حسن

سلام حسن
04 مارس 2021
رحلة إلى بحيرة سدّ الحسكة
+ الخط -

البحيرات المشكلة خلف السدود والتي يبلغ عددها عشر بحيرات في محافظة الحسكة، أقصى شمال شرقي سورية، تشكل متنفساً بيئياً وسياحياً للسكان المحليين، وملاذاً لهواة صيد الأسماك، في ظلّ غياب أي مشاريع سياحية أو ترفيهية أو متنزهات وحدائق عامة كبيرة.
فوجئ السكان والصيادون والمهتمون بالبيئة، بكارثة بيئية قضت على معظم الأسماك وقتلتها في بحيرة سد الحسكة الجنوبي، نتيجة تسميم بعض الصيادين البحيرة خلال اليومين الماضيين بغية صيد كميات كبيرة من الأسماك، بحسب الأهالي، ما أدى إلى نفوق الآلاف من الأسماك الصغيرة والكبيرة، وهو أمر لم يتم تأكيده مخبرياً من قبل الإدارة الذاتية أو الجهات المختصة، فيما ما زالت الأسماك النافقة على سطح الماء وعلى ضفاف البحيرة.

عباس محمود من أهالي مدينة القامشلي يقول لـ"العربي الجديد": "هذه البحيرة تشكل محطة ترفيهية مجانية لنا، إذ نأتي إليها في نهاية الأسبوع، ليجد أطفالنا فرصة للعب في الطبيعة، وإمضاء أوقات جميلة وممتعة. يحزنني ما حدث من قتل للأسماك فيها بالسمّ أو الديناميت. أدعو الجهات المعنية إلى الاهتمام بنظافة المكان ونظافة المياه، وتحديد مواعيد محددة للصيد لنحافظ على الثروة السمكية".
سوسن إبراهيم، من أهالي القامشلي أيضاً، توضح لـ"العربي الجديد" أنّه بسبب الظروف الأمنية السيئة في السنوات الماضية انقطعت عن الذهاب والتنزه بالقرب من بحيرة السد. تقول: "لكنّنا هذا العام، مع عودة الأمان نسبياً، لا سيما في الطريق بين الحسكة والبحيرة، وهو 25 كيلومتراً، كنا نأمل في قضاء أيام ممتعة خلال الربيع والصيف المقبلين، لكنّ ما حدث وما يحدث من عمليات صيد جائر، وقلة الاهتمام بنظافة المكان، يثيران التشاؤم ويدعوان للأسف".
يذهب سيبان الأحمد، إلى البحيرة، مع الأصدقاء، أسبوعياً، كما يشير لـ"العربي الجديد" ويقول: "نقصدها لصيد بالصنارة، بهدف المتعة والتسلية وليس بهدف بيع الأسماك، ففي كثير من الأحيان نشتري الأسماك من الصيادين المحترفين والذين يستخدمون الشباك في الصيد. تؤسفني هذه الأعمال التي تضرّ بالأسماك والطبيعة والإنسان سواء التسميم، أو الصيد في أوقات غير مشروعة مثل الصيد في موسم تبييض الأسماك وتكاثرها".


كانت مديرية الموارد المائية التابعة للإدارة الذاتية، في شمال شرقي سورية، قد افتتحت قبل عام، بوابة الريّ في سدّ الحسكة الجنوبي، للمرة الأولى منذ عام 2004. ولم يكن السدّ الجنوبي قد استعمل منذ 16 عاماً، بسبب انخفاض منسوب مياهه وعدم تخزين كمية كافية. وشهد العام الماضي ارتفاعاً في كمية المياه المخزنة إلى 605 ملايين متر مكعب، وهو الحدّ الأعظمي (السعة القصوى) للسدّ، ما دفع حينها الجهات المسؤولة لاتخاذ قرار بفتح بوابته. يقول المهندس الزراعي، هاشم عليان لـ"العربي الجديد": "كانت بحيرة السد الشرقي مصدراً مهماً من مصادر مياه الشرب لمدينة الحسكة، وجرى وضعها في الاستثمار عام 1990، إذ بني السدّ بطول 2800 متر وارتفاع 31 متراً، وتتجمع المياه على مساحة 9 آلاف هكتار ويبلغ التخزين الأعظمي للبحيرة 92 مليون متر مكعب من المياه العذبة، وتتم تغذيتها عن طريق القناة الناقلة الممتدة من مأخذ مدينة رأس العين وحتى المصب فيها ويبلغ طولها 65 كيلومتراً، حيث يبلغ تدفقها الأعظمي 45 متراً مكعباً في الثانية وتقوم بنقل 4 ملايين متر مكعب في اليوم الواحد. يتابع: "تجري تغذيتها عن طريق 70 بئراً ارتوازية موزعة على نهري الجرجب والخابور، كما يصبّ فيها عدد من الأودية السيلية التي تنشط في فترة الشتاء، ومن أهم هذه الأودية وأغزرها وادي الأحمر الآتي من شمال المحافظة، وإلى الشرق منها بحيرة اصطناعية أخرى هي بحيرة السد الشرقي، تصل بينهما قناة مائية اصطناعية بطول 3 كيلومترات إذ كان يجري استخدام البحيرتين كمصدر من مصادر مياه الشرب ويبلغ تخزينهما الأعظمي 325 مليون متر مكعب من المياه". يوضح عليان أنّه للتأكد من نوعية السمّ في البحيرة وما إذا كان خطراً على البشر والحيوانات، يجب إجراء تحليل للمياه، لمعرفة نوع المادة السامة ومعرفة تأثيراتها، مؤكداً أيضاً أنّ تحليل المياه قد يكشف عن مرض من الممكن أنّه تسبب بنفوق الأسماك، وهذا الأمر يتطلب أخذ عينات للمختبرات، ومن الاحتمالات تسرب مبيدات حشرية تستخدم في الزراعة إلى البحيرة قد يدوم مفعولها لفترة طويلة، لكن لن تتحلل تلقائياً.

ويوجد في محافظةَ الحسكة عشرة سدود، هي: الحسكة الجنوبي، والغربي، والشرقي، وجراحي، ومعشوق، والجوادية، وباب الحديد، والمنصورة، وحكمية، والسفان. وأقيم قرب الأخير مخيم للنازحين يضمّ نحو تسعة آلاف نازح سمّي بمخيم "السدّ" قرب بلدة العريشة، جنوب مدينة الحسكة، فيما تمتد بحيرة هذا السدّ من منطقة المهلبية إلى أطراف مدينة الشدادي، وتوفر المياه للزراعة وسقاية مواشي السكان، ويعتمد كثير من السكان في معيشتهم على صيد الأسماك من مياهها، لكنّ الصيد الجائر بواسطة استخدام الكهرباء وتسميم الأسماك هدد بانقراض الأسماك هناك أيضاً.

ذات صلة

الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.
الصورة
غارات روسية على ريف إدلب شمال غرب سورية (منصة إكس)

سياسة

 قُتل مدني وأصيب 8 آخرون مساء اليوم الثلاثاء جراء قصف مدفعي من مناطق سيطرة قوات النظام السوري استهدف مدينة الأتارب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة
الصورة
قبور الموتى للبيع في سورية / 6 فبراير 2024 (Getty)

اقتصاد

تزداد أعباء معيشة السوريين بواقع ارتفاع الأسعار الذي زاد عن 30% خلال الشهر الأخير، حتى أن بعض السوريين لجأوا لبيع قبور ذويهم المتوارثة ليدفنوا فيها.
الصورة
قوات روسية في درعا البلد، 2021 (سام حريري/فرانس برس)

سياسة

لا حلّ للأزمة السورية بعد تسع سنوات من عمر التدخل الروسي في سورية الذي بدأ في 2015، وقد تكون نقطة الضعف الأكبر لموسكو في هذا البلد.
المساهمون