كورونا غيّر عادات العيد في العراق
لعيد الفطر طقوسه الخاصة في العراق، إذ يمثل فرصة للعراقيين للخروج من الضغوط اليومية. تتحدث الموظفة في القطاع الصحي وداد نعمان (37 عاماً) عن تلك الطقوس لـ"العربي الجديد"، وتقول: "تجتمع النساء في منزل العائلة أو في منزل أحد الجيران، لتصنع المعجنات، ولا سيما الكليجة (نوع من المعجنات المشهورة في العراق)، إلى جانب الحلويات والمعجنات المختلفة التي تقدم عادة مع الشاي بالهال، إذ لا طعم للعيد من دون صنع الحلويات، فضلاً عن توجه النساء إلى الصالونات النسائية للتزين في هذه المناسبة، إضافةً إلى حملة التنظيف التي تجريها داخل المنازل وخارجه".
وللصغار حصتهم الخاصة من تحضيرات العيد، إذ تقوم النساء بخياطة أو شراء ملابس جديدة لأطفالهن، وقد تحول الاهتمام بالملابس المنزلية أكثر من الملابس الخارجية، نظراً لفرض حظر التجول خلال فترة العيد بسبب الأوضاع الصحية، وغالباً ما تستغل النساء فرصة فكِّ الحظر بهدف التوجه إلى الأسواق للتبضع بالمواد الغذائية والحلويات، بالإضافة إلى بعض أغراض المنزل استعداداً لاستقبال الضيوف والمهنئين بحلول عيد الفطر، كذلك تحرص العائلات على التسامح في ما بينها. تلك العادات والطقوس جميعها تبدأ في العشر الأواخر من شهر رمضان، ليكون كل شيء في أبهى حلته صبيحة يوم العيد.
بدوره، يقول تاجر المواد الغذائية والحلويات نزار أحمد (42 عاماً): "في العراق ننتظر المواسم الدينية والمناسبات العامة لأنها تُعتبر فرصة للتجارة بشكل أفضل. وغالباً ما تكون الأيام التي تسبق العيد هي الأفضل بنسبة المبيعات، إذ يقبل الناس على التبضع من المواد الغذائية والحلويات وكل المستلزمات التي يحتاجونها. ورغم تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع بعض الأسعار، إلا أننا نحاول تقديم البضائع بأسعار منافسة، بهدف مراعاة القدرة الشرائية لمختلف أطياف المجتمع، وتساهم في ذلك أيضاً المنافسة بين التجار الذين يقدمون عروضاً مختلفة لجذب المتسوقين خلال فترة الأعياد".
صبيحة العيد
يتجه المسلمون العراقيون، ومعهم أطفالهم، صبيحة يوم العيد إلى المساجد لأداء مناسك العيد وتبادل التهاني والتبريكات، في الوقت الذي تُعدّ فيه النساء وجبة الفطور الصباحية التي تحتوي على القيمر مع الكاهي، وهي وجبة تُعَدّ من القشطة مع الرقائق المغمسة بالقطر، وتعتبر من المأكولات الأوسع انتشاراً في بيوت العراقيين بمناسبة الأعياد، بينما وجد الكثير منهم هذا العام صعوبة في شرائها، جراء ارتفاع أسعارها في شهر رمضان. وتأخذ الزيارات العائلية حيزاً كبيراً في أيام العيد، نظراً لأهميتها ودورها في الترابط الاجتماعي وصلة الرحم.
يتحدث هادي عبد الكريم (55 عاماً) لـ"العربي الجديد" عن هذه الطقوس، ويصف المشهد قائلاً: "نبدأ بالزيارات العائلية عادةً بعد تناول وجبة الفطور الصباحية في أول أيام العيد، وأول منزل نقوم بزيارته هو منزل الوالدين، أو ما يعرف بـ"بيت العائلة"، ونعلّم أطفالنا منذ الصغر على القيم والتقاليد الاجتماعية والدينية التي تربينا عليها، وعادةً ما نقضي اليوم الأول بأكمله في منزل العائلة إلى جانب الأجداد. بعدها نقوم بجولة، لتقديم التهاني، على الأقارب والأصدقاء والجيران. ويذهب الأطفال بعد أخذهم العيدية، وهو مبلغ من المال يوزعه عليهم الأقارب، إلى الحدائق والمتنزهات العامة ومدينة الألعاب. هذا في الظروف الطبيعية، لكن الآن مع فرض حظر للتجول، اقتصرت جولة الأطفال على المتاجر القريبة لشراء بعض الألعاب المتوافرة". ويضيف: "في الفترة السابقة، كنا نذهب في ثاني أيام العيد إلى العاصمة بغداد لقضاء بعض الوقت الممتع في المتنزهات ومدينة الألعاب الخاصة بالأطفال، وبسبب جائحة كورونا، تغيرت الكثير من العادات، ولم يعد هناك سوى تبادل الزيارات العائلية أو زيارة الأصدقاء".
تدابير أمنية
ومع حلول فترة الأعياد، أعلنت قيادة العمليات المشتركة العراقية، في السابع من شهر مايو/ أيار الجاري، إعدادها خطة أمنية خاصة بعيد الفطر، بما يتناسب مع حجم التهديدات الإرهابية، بينما صدّق مجلس الوزراء العراقي على توصية اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية بفرض حظر التجول الشامل في البلاد لمدة 10 أيام، منذ تاريخ 12 مايو/ أيار حتى 22 منه، التي صادفت خلالها أيام عيد الفطر، وذلك للحدّ من انتشار جائحة كورونا، ويشمل قرار حظر التجول غلق المولات والمطاعم والمقاهي ودور السينما والمتنزهات وقاعات المناسبات والأعراس والمسابح والقاعات الرياضية وغيرها، فضلاً عن منع إقامة التجمعات بأشكالها كافة. تجدر الإشارة إلى أن العراق يتصدر قائمة البلدان العربية الأكثر تسجيلاً للإصابات والوفيات بفيروس كورونا.