أعلنت سبع منظمات حقوقية مصرية، عن أسفها من قرار النيابة العامة المصرية، بغلقها للتحقيقات في جريمة الاغتصاب الجماعي التي وقعت في فندق فيرمونت عام 2014، وإخلاء سبيل المتهمين المحبوسين على ذمة تلك القضية، بناء على قرارها بأن لا وجه لإقامة الدعوى في هذه القضية مؤقتًا.
وقالت المنظمات، في بيان مشترك، "برّر بيان النيابة هذا القرار بعدة أسباب كان أهمها عدم تمكنها من الوصول لمقطع الفيديو المصور لواقعة الاغتصاب، والذي أكد وجوده الكثيرون وحصلت النيابة فقط على صور مقتطفة منه. وأسندت قرارها أيضًا بمرور ستة أعوام على الواقعة، رغم أن جرائم الاعتداء على سلامة الجسد لا تسقط بالتقادم بموجب الدستور؛ لكن ما تغافله البيان هو الدور السلبي، والمعرقل، الذي لعبه ترهيب شهود الواقعة والمبلغات في قضايا العنف الجنسي على مدار العام الماضي، وملاحقتهم/ن باتهامات أخلاقية مطاطة ليست ذات صلة بالواقعة، وهي أفعال أسهمت ولا شك في الوصول لهذه النتيجة المؤسفة".
وقالت المنظمات "بالتزامن مع حملتها لحماية ما أسمته في بيان سابق لها بضبط الأمن القومي الاجتماعي، أقدمت النيابة العامة على توجيه اتهامات إضافية للمبلغين والشهود بالتوازي مع موضوع البلاغ الأصلي؛ كما لم تتحرك لحماية الشهود والمبلغين من حملات تشويه صحافية تمت على مرأى ومسمع منها؛ فضلاً عن التباطؤ في فتح التحقيق في هذه القضية لأكثر من شهر بعد إثارتها، والذي سمح لبقية المتهمين بمغادرة مصر قبل القبض عليهم. فيما كان من شأن البدء المبكر في التحقيقات أن يسهم في تشجيع الشهود على التقدم بما لديهم من أدلة وأقوال قبل بدء حملات التشويه والترهيب".
ولفت عدد من المنظمات المصرية سابقًا، وبشكل متكرر، للأثر السلبي الناتج عن توجيه اتهامات غير ذات صلة بالقضية الأصلية والتساهل مع التشهير في بعض الصحف والمواقع بالمبلغين، والذي يقود لإحجام الضحايا عن الإبلاغ عن حوادث العنف الجنسي، وكذلك لإثناء الشهود عن تقديم ما لديهم من معلومات قد تساعد في التحقيقات. ففي ثلاث قضايا في عام 2020 فقط وجهت النيابة للضحايا أو للشهود اتهامات غير متصلة بموضوع التحقيق، أو استخدم المتهمون ذلك النهج لتهديد الضحايا، مما أثار حالة من الفزع بين النساء في حالة التبليغ، وقلل من إمكانية المشاركة المتعاونة لكل الشهود في التحقيقات.
وأضافت المنظمات "مع تصاعد وتيرة الإبلاغ عن جرائم العنف الجنسي ضد النساء كالتحرش الجنسي والاغتصاب، كان هناك تصاعد أيضًا في إرهاب المبلغين والشهود بل وتوجيه التهم لهم في عدة قضايا. في قضية الفيرمونت مثلاً قضى عدد من الشهود أسابيع وشهورًا رهن الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيق في اتهامات تتعلق بممارساتهم الجنسية الرضائية أو باستخدام المخدرات، وجاء إخلاء سبيلهم جميعًا لاحقًا بعد إعلان النيابة أن لا وجه لإقامة الدعوى، بعد أن أثار حبسهم الخوف لدى آخرين من المساعدة بأي شكل في التحقيقات".
وفي العام نفسه، وجّهت النيابة تهمًا أخرى منها "التعدي على قيم الأسرة المصرية" لإحدى المبلغات عن واقعة اغتصاب تعرضت لها، لتقضي المجني عليها منة عبد العزيز أكثر من 100 يوم محتجزة، ولاحقًا أعلنت النيابة أيضًا أن لا وجه لإقامة الدعوى ضدها. كما وجهت النيابة في القضية نفسها تهمة "التعدي على قيم الأسرة المصرية" لواحد من الشهود في القضية، وهو قاصر برأته محكمة الطفل بالجيزة بعد مرور بضعة شهور على احتجازه. وأخيرًا وفي العام نفسه استخدم المعتدون على شابة بمدينة ميت غمر ومحاميهم التهديدات ببلاغات "التعدي على قيم الأسرة المصرية" لترهيبها وإثنائها عن الإبلاغ وحثها على تغيير أقوالها لتسقط التهم عن المتهمين في بداية القضية.
وتساءلت المنظمات "كيف تثق مبلغة أو شاهد/ة والحال كذلك في أن مشاركتهم المتعاونة في التحقيقات لن تؤدي لتوجيه اتهامات واهية لهم، على إثرها يظلون رهن الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيق حتى تقرر النيابة بأن لا وجه لإقامة الدعوى أو تخلي سبيلهم أو تحيلهم للمحاكمة".
ودعت المنظمات السبع الموقعة على البيان المشترك، النيابة العامة المصرية، لإعادة تقييم الظروف الموضوعية التي أدت لفشل التحقيقات في قضية الفيرمونت، وكذلك لضرورة إعلان وتنفيذ سياسة عامة جديدة تضمن حماية المبلغات والشهود، ليس فقط من انتقام وتهديد وتشهير المتهمين، ولكن أيضًا من توجيه اتهامات غير متصلة بموضوع البلاغات، وذلك إعمالًا لسلطتها التقديرية في توجيه الاتهامات. كما نطالب بسرعة إصدار قانون لحماية الشهود والمبلغين والخبراء للتأكيد على ضمانات المحاكمة العادلة والوصول للعدالة المنشودة.
المنظمات الموقعة هي: "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، ومركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب، ومؤسسة المرأة الجديدة، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، مؤسسة قضايا المرأة المصرية".