دخل رضا السجن عام 1992 وكان عمر 14 عاماً، بتهمة الانتماء إلى حركة الاتجاه الإسلامي (النهضة حالياً)، وغادره بعد 6 سنوات، وتعرض خلالها لشتى أنواع التعذيب والتنكيل، وخرج مصاباً بإعاقة في يده اليمنى.
وقال رضا لـ"العربي الجديد" إنه من مواليد 1977، ولكنه يبدو أكبر بكثير من سنه بعدما كسا الشيب رأسه، من فرط الأهوال التي تعرض لها في زمن زين العابدين بن علي، فبدل أن يقضي طفولته وأحلى سنوات عمره بين عائلته، قضاها خلف القضبان وتحت التعذيب.
وطاول رضا العفو التشريعي العام بعد الثورة، لكنه عاطل عن العمل، وأب لـ4 أبناء. وأكد أنه كان يأمل أن يتم انتدابه ضمن الوظيفة العمومية، وأن تُصرف له مستحقات كتعويض عن سنوات القمع.
وأضاف رضا أنه رغم ظروفه الصحية الحرجة، ومعاناته بعد الاعتصامات المتتالية بساحة باردو منذ عدة أشهر، وداخل مقر هيئة الحقيقة والكرامة، واضطراره إلى خياطة فمه في حركة احتجاجية، لكن لم يتحقق أي جديد في الملف، مؤكداً أن المظالم لم ترفع عنهم، خصوصاً أبناء حركة "النهضة".
وأوضح المنسق العام للجنة الوطنية لتسوية ملف العفو العام، أن رئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي، وعددا من القيادات زاروا المعتصمين أخيراً في محاولة منهم للوقوف على الإشكاليات التي تعترضهم، ولكن ظل الملف يراوح مكانه.
ولفت إلى وجود 2600 شخص نالوا العفو التشريعي العام، لم يحصلوا على أية تعويضات تذكر، في حين أن قرارات تعيين في المنشآت العمومية صدرت بخصوص بعضهم، ولكن نقابات الشغل تصدّت لتعيينهم، مشيراً إلى أن من بين من طاولهم العفو يساريون وقوميون ومن أبناء الحوض المنجمي، وبالتالي ليسوا كلهم من حركة "النهضة".
وأوضح أن هناك اليوم كذبة كبرى عنوانها صرف أموال طائلة لضحايا انتهاكات بن علي، خصوصاً لأبناء حركة "النهضة"، مبيناً أنه من إجمالي 6500 شخص شملهم العفو التشريعي العام، فإن 3500 شخص فقط هم من أبناء "النهضة".
وأكد رضا أنه من مجموع 25 ألف سجين سياسي بين عامي 1978 و2005، أعيد بعضهم إلى وظائفهم السابقة، مشيراً إلى صرف تعويضات لمن تقل رواتبهم عن 500 دينار، لافتاً إلى صرف 156 مليار دينار تونسي للصناديق الاجتماعية تخصص لضحايا الانتهاكات لكي يعيدوا بناء حياتهم التي دمرت وسلبت منهم.
وتابع أن كثيراً من ملفات المتمتعين بالعفو عالقة، وأنهم يطالبون بإجراءات عملية تمكن كل صاحب شهادة عفو من حقه في الوظيفة وإعادة الإدماج، إضافة إلى تسوية المسار المهني للمتقاعدين، وتفعيل صندوق الكرامة ومساواتهم مع جرحى وشهداء الثورة من حيث التقديمات، داعياً إلى عدم تسييس الملف وإخضاعه للمزايدات السياسية.
وذكر أن هيئة الحقيقة والكرامة لم تنصفهم، وإنما دخلت في صراع معهم إذ طردوا وتعرضوا للاعتداء في مناسبات عدة، مبيناً أنه تم جمع 200 توقيع من الضحايا لسحب ملفاتهم من بن سدرين.
وأكد رضا أنه لا يمكن الحديث عن مصالحة ما لم ترفع المظالم عن المتمتعين بالعفو العام، معتبراً أن مختلف هذه التطورات دفعته للإقدام على محاولة الانتحار أمام مقر هيئة الحقيقة والكرامة.
وأشار إلى أن بطاقات العلاج المجانية التي كانوا يتمتعون بها سحبت من 500 سجين سابق منهم، لافتاً إلى المباشرة بخطوات تصعيدية بعد شهر رمضان.