لم يكن في حسبان فاطمة (52 سنة)، وهي متجهة إلى مستشفى تخصصي للعيون بمدينة "أم درمان" السودانية، بحثا عن العلاج لعينها التي ضعفت، أن حالتها ستزداد سوءا، أو أنها ستفقد بصرها إلى الأبد.
فاطمة واحدة من بين أكثر من 34 مريضا سودانيا دخلوا في فترات متقاربة إلى المستشفى ذاته، بعضهم أجرى عمليات جراحية في العين لأسباب مختلفة، وآخرون تقررت لهم مواعيد لإجراء عملية، والقاسم المشترك بينهم أنهم جميعا حقنوا بعقار "أفاستين" المخصص لشطف المياه من العيون لمرضى السكري.
مع سريان مفعول الحقنة في أجسادهم تحولت حياة المرضى إلى كابوس بسبب المضاعفات التي تبدأ بالغثيان والصداع والحمى، وتنتهي بالعمى.
يقول ابن فاطمة، واسمه محمد، إنهم عادوا إلى المنزل بعد حقن والدته بـ"أفاستين"، الاثنين الماضي، لينتظروا التقرير بعد ثلاثة أيام بشأن إجراء عملية في العين لتشوش نظرها في بعض الأحيان، لكن والدته دخلت حالة شبيهة بالتسمم. ويضيف "زارنا طبيب سارع بعلاجها بمضاد حيوي إلى أن زالت تلك الأعراض. لكن لم يعد إليها بصرها، فحولنا الطبيب إلى فرع المستشفى بمنطقة الرياض في وسط العاصمة لإجراء عملية فورية".
وأكد أن الطبيب أبلغهم أن حالة والدته ليست الأولى من نوعها، وأنه وردت عدة حالات مشابهة قبلها، مطمئنا إياهم بأنها حالة التهاب سرعان ما تنتهي بعد العملية.
تنتظر فاطمة، مع آخرين ممن أجريت لهم العملية، وهم يرفعون أكفهم بالدعاء أملا أن تكون الحالة عرضية ويبصرون من جديد.
وسارعت وزارة الصحة السودانية إلى إغلاق قسم العمليات بالمستشفى، والشروع في التحقيق للوقوف على أسباب الحوادث المتكررة.
وأكد وزير الصحة بولاية الخرطوم، مأمون حميدة، التزام المستشفى بتعويض المتضررين البالغ عددهم 34 مريضا، ورأى أن القطع بإصابة المتضرريين بالعمى، يتطلب مرور ثلاثة أيام للتأكد، مشيراً إلى تكوين لجنة قال إنها ستعمل على محاسبة المقصرين في حال ثبوت أن الحادثة وقعت بسبب الإهمال أو التعقيم أو سوء تخزين الدواء أو أية أسباب تتصل بجودة العمل.
وذكر حميدة أن معظم المصابين الذين تم حقنهم بالعقار يعانون من مرض السكري، منبها إلى أن استخدام العقار تم عبر أنبوبة واحدة لكل المرضى ما يرجح إصابتهم بعدوى خلال العملية.
وتأتي تحركات الوزراة بعد الشكاوى التي تلقتها إدارة المؤسسات العلاجية بوزارة الصحة من قبل عدد من المواطنين المتضررين من المستشفى، وباشرت لجنة التحقيق أعمالها بفحص عينات من المصل والحقن الفارغة، كما عمدت إلى فحص الأجهزة والمعدات وغرف العمليات.
بدورها، أقرت إدارة المستشفى بالحادثة، وقررت التكفل بعلاج المتضررين مجانا، كما اتصلت بجميع المرضى وأخضعتهم للعلاج عبر المضادات الحيوية تحسبا لانتقال العدوى إليهم.
وأكد عدد من عائلات المرضى أنهم سيتوجهون إلى المحاكم، باعتبار أن الحادثة تنم عن إهمال كبير، متسائلين عمّن سيعوض مرضاهم عن أبصارهم التي فقدوها.