يونس، نموذج عن آلاف العمّال الذين تعطّلت أعمالهم، بسبب جائحة كورونا، في قطاع غزة المحاصر. لم يسلم عمل أحد من العمّال، بسبب كورونا، حتى أولئك الذين يعملون في المطاعم والفنادق الفاخرة، أصبحوا عاطلين عن العمل منذ ما يزيد عن الشهر وأكثر.
ولمواجهة هذه الأزمة الجديدة، كما الأزمات المستحكمة في القطاع الساحليّ المحاصر، انطلقت المزيد من المبادرات الإغاثية، لتلبية حاجات المواطنين الأكثر فقراً. غير أنّ أزمة كورونا الحاليّة، فجّرت طاقات أكثر جدّية لإغاثة الكثير من العاطلين عن العمل، إن كان من العمّال أو الأسر الأكثر فقراً، حيث لا ينفك خطّ الفقر في غزّة، بالسير تصاعدياً نتيجة الحصار، لتأتي جائحة كورونا الآن، لتزيد الطين بلة.
وقبيل شيوع أزمة كورونا، أطلق عدد من موظّفي القطاع العام في حكومة غزة، التي تديرها "حماس"، مبادرة أطلقوا عليها اسم "عيلة واحدة" تقوم على مبدأ تبرّع الموظّفين من مستحقّاتهم المالية المتراكمة لدى الحكومة، التي تعاني أزمة مالية خانقة، لصالح الأسر الفقيرة في القطاع.
أكّد، أحد القائمين على المبادرة، إسماعيل الثوابتة، لــ"العربي الجديد" أنّ المبادرة تستهدف بث روح التكافل بين أبناء الشعب الفلسطيني، في ظلّ الحصار المفروض على قطاع غزة. وتزامن الشهر الثاني من الحملة، مع أزمة كورونا، لتستهدف المبادرة التطوعيّة، الأسر الأكثر تضرراً من الأزمة، مثل العمّال المياومين.
وأشار الثوابتة، إلى أنّ الحملة تقوم على التبرّع من مستحقات الموظّفين لدى الحكومة، حيث ستصرف المبادرة ما قدره مليون شيكل (نحو 280 ألف دولار)، على مدار خمسة أشهر لصالح 5000 أسرة فقيرة، على أن تُعطى كلّ أسرة 200 شيكل (حوالي 56 دولارا) تقريباً.
وتجاوزت تبرّعات الموظّفين، بحسب الثوابتة، أكثر من 5 ملايين شيكل (نحو مليون و400 ألف دولار) حتى اللّحظة، داعياً جميع موظّفي الحكومة للانضمام للمبادرة.
وأوضح الثوابتة، أنّ التبرّع من الموظفين، يتمّ بشكل طوعي عبر رابط إلكتروني، لافتاً إلى أنّه يحقّ لكلّ موظف، ترشيح اسم عائلة بحاجة للمساعدة، وفق نسبة معيّنة من تبرّعه للحملة.
ومن بين مبادرات كثيرة، تتفاعل مبادرة "منّا وفينا"، التي أطلقها صحافيون ونشطاء من غزة، بهدف مساعدة عدد من الأسر الفقيرة. وتتميّز هذه الحملة، بإجراء عدد من اللّقاءات الصحافية، مع الأسر المطروحة أسماؤها للمساعدة، ليكوّن الصحافي بعدها صورة حقيقية عن معاناة الأسرى، لينقل من بعدها للمبادرة والآخرين، الطرق الأنسب لمساعدتها.
وتشمل المبادرة، بحسب صفاء الحسنات، إحدى القائمات على المبادرة، الفئات الأكثر فقراً في المجتمع، كسائقي التاكسي والباعة المتجوّلين، لافتةً إلى أنّ المبادرة بدأت قبل جائحة كورونا، وهي تلقّت مساهمات لمساعدة الأسر الفقيرة، قبل الإعلان عن المبادرة، لمساعدة متضرّري كورونا.
أمّا مبادرة "تكية الخير"، فتعمل على تأمين ملابس مستعملة، بحال جيدة، لتوزيعها على الأسر بعد فرزها وغسلها وكيّها. وطوّرت المبادرة من نفسها مع بداية الجائحة، لتعلن عن استقبال الأجهزة المستعملة الفائضة، والتي يمكن أن تكون بحاجة إلى إصلاحات بسيطة.
وذكّر جهاد مصبح، أحد القائمين على مبادرة "تكية الخير" أنّ كلّ هذه الجهود الفردية، تتكاتف في أنحاء متفرّقة من قطاع غزة، لتقدّم العون لأكبر عدد من الأسر الفقيرة. وأشار في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أنّهم، يركّزون في الفترة الحالية، على العمّال والأسر الأكثر تضرّراً من جائحة كورونا.
وانطلقت عشرات المبادرات الأخرى، الفردية أو عن طريق مؤسّسات، لدعم المتضرّرين من الجائحة، خاصة مع اقتراب شهر رمضان، وتوقّف آلاف العمّال، ذوي الدخل اليومي، عن العمل، نتيجة الإجراءات الاحترازية المتّخذة من أجل حماية غزة من تفشي فيروس كورونا.