ما هي الـ"أناكينرا"؟
يعرف أطباء الروماتيزم جيداً هذا المركّب. وتقول منسّقة التجارب العلاجية الوطنية الفرنسية (Anaconda)، ألكسندرا أودمار فيرجيه، لمجلة "الإكسبرس" الفرنسية، إنّ المركّب "يُستعمل لعلاج الالتهابات منذ أكثر من عشر سنوات، كما لدينا معرفة جيدة بآثاره الجانبية". ويقول مسؤول الطب الداخلي في مستشفى القديس يوسف في باريس، والمشارك في البحث حول المركّب، جان جاك مراد: "يمكن الاختصار بالقول إنّ (أناكينرا) هو مضاد للالتهاب، لكنه فعلياً أكثر من ذلك. إذ هو نشأ كبديل للكورتيزون، الذي لديه الكثير من الآثار الجانبية على المدى الطويل". ويضيف: "تمّ حقن مرضى (كوفيد-19) في مستشفى القديس يوسف بهذا المركّب، تحت الجلد. هدفنا، من خلال هذه العملية، هو إيقاف (عاصفة سيتوكين)، أو ردّة الفعل الالتهابية التي تحدث في الجسم بعد أسبوع تقريباً من ظهور أعراض مرض (كوفيد-19) الشديدة، والتي تصيب المريض بصعوبة في التنفس، ما يجعله بحاجة إلى التنفّس الاصطناعي". ويضيف مراد عن إيجابيات العلاج بالـ"أناكينرا" أن لا آثار جانبية تُذكر مسجّلة للمركّب، إضافة إلى كلفته المنخفضة نسبياً، (500 يورو لحوالي عشرة أيام من العلاج بالمركّب).
ما هي نتائج العلاج؟
تمّت معالجة 96 مريضاً بـ"كوفيد- 19" بمركّب "أناكينرا"، بين 24 مارس/آذار و6 إبريل/نيسان، من أجل الدراسة التي أعدّتها المستشفى، 52 مريضاً منهم كانوا بحال حرجة. وبحسب الفريق الطبي في مستشفى القديس يوسف في باريس، فإنّ العلاج عن طريق حقن المرضى بمركّب "أناكينرا"، تحت الجلد، لمدّة عشرة أيام، خفض بشكل ملحوظ، إحصائياً، نسبة الوفيات نتيجة المرض، كما المرضى الذين احتاجوا إلى الإنعاش.
ربع المرضى الذي عولجوا بـ"أناكينرا" تم إنعاشهم أو توفوا، مقابل وفاة أو إنعاش 73 في المائة من المرضى الذين لم يتمّ إعطاؤهم المركّب. بين المرضى الذين تلقوا العلاج بمركّب "أناكينرا" أيضاً، تمّت ملاحظة انخفاض سريع في حاجتهم إلى التنفّس الاصطناعي، في غضون سبعة أيام من العلاج.
الدراسة مشجّعة
يقول جان جاك مراد: "نحن مقتنعون، لأسباب منطقية، بأننا قمنا بعمل جيد مع المرضى بعلاجهم بهذا المركّب، كما أنّنا خفّضنا من عدد الوفيات ومن المرضى الذين يحتاجون إلى الإنعاش". ويضيف أنّهم عالجوا في هذه المرحلة أكثر من 125 مريضا بمركّب "أناكينرا" في مستشفى القديس يوسف.
وهناك تجارب أخرى مشجّعة مع هذا المركّب، أجراها مستشفى كاين الفرنسي. إذ يقول مسؤول الطب الداخلي في المستشفى آشيل آوبا، لصحيفة "فيغارو" الفرنسية: "مريض واحد من كلّ تسعة مرضى بـ(كوفيد-19)، عالجناهم بـ(أناكينرا)، دخل الإنعاش. هذه النتائج مشجّعة". وأضافت ألكسندرا أودمار فرجيه، أنّ التجارب على المركّب ستشمل 240 مريضا ضمن برنامج "أناكوندا"، الذين ما زالوا يحاولون تأمين التمويل اللازم له. وضمن هذا البرنامج، سيتلقّى مرضى "كوفيد-19" جرعات أكبر من تلك التي أعطتها مستشفى القديس يوسف في باريس من مركّب "اناكينرا". وتضيف أنّه رغم أنّ نتائج هذه التجارب في فرنسا كانت أقل إيجابية من التجارب التي أجرتها إيطاليا على المركّب مع 29 مريضا، إلّا أنّها تبقى باعثة على الأمل.
الحذر واجب
رغم كل شيء، يجب التعامل بحذر بالغ مع نتائج الدراسة التي أجرتها مستشفى القديس يوسف في باريس، بما أنّ عدد المرضى الذين خضعوا للتجربة قليل جداً. لكن مراد يذكّر بأنّ لا تجربة أخرى متاحة حول الموضوع.
يُضاف إلى ذلك أنّ هذه التجربة هي دراسة جماعية استعادية وليست تجربة عشوائية منضبطة. وتقول ألكسندرا أودمار فرجيه، إنّه لا يمكن القول إنّ أيّ علاج مفيد إلا إذا أجرت فرق طبيّة متعدّدة تجارب عشوائية منضبطة عديدة عليه، أو تجربة عشوائية على مستوى الوطن.
تقول المديرة المساعدة لمؤسسة بيار لويس لعلم الأوبئة والصحة العامة دومينيك كوستاجليولا، لصحيفة "فيغارو": "الأرقام الواردة في الدراسة هي رائعة لدرجة أنّه يصعب التصديق أنّه ليس هناك انحياز (للعلاج) بالموضوع". وتضيف: "بما أنّ التجربة جرت على عدد قليل جداً من المرضى، فلا يمكننا قول أي شيء فعلياً حتى الآن".
لكن الدراسات على فعالية مركّب "أناكينرا" ضدّ "كوفيد-19"، ستزداد بشكل كبير قريباً. "يجب إذاً انتظار نتائج الأبحاث العشوائية المنتظمة، كما انتظار تجربة المركّب على عدد كبير من المرضى قبل الخروج بأيّ استنتاج. شرط أن يكون هناك أيضاً عدد كافٍ من مرضى (كوفيد-19) في فرنسا لإجراء التجربة، بعدما بدأ انحسار الوباء في البلاد. ولدينا حتى الآن 14 مريضا فقط من الـ240 الذين نحتاجهم لبرنامج (أناكوندا)"، بحسب ألكسندرا أودمار فرجيه.