من الظواهر الاجتماعية التي انتشرت في المجتمع العراقي أخيراً ظاهرة إطلاق "الشوارب" بين الشباب، أو ما يعرف بتربية الشارب، في بغداد وعدد من مدن البلاد، التي تحوّلت تدريجياً إلى هوس لدى كثيرين منهم، دفعهم إلى إنشاء روابط وجمعيات لأصحاب الشوارب الطويلة والكثة، والخروج جماعات في الشوارع والمقاهي للتباهي بها.
ويرى أصحاب تلك الشوارب أنها دليل على الرجولة، ومحاربة حالة التميّع التي انتشرت بين أبناء هذا الجيل، مؤكدين أنها ثورة لإعادة الصفات الرجولية الظاهرية إلى ما كانت عليه، التي يجب أن ترافقها صفات الرجولة الأخرى كالأخلاق والغيرة ومساعدة الآخرين وعدم التعدّي على حقوق الغير.
ويتباهى مدير رابطة "تماسيح بغداد"، علاء المشتاق، بالغيرة التي يتحلّى بها أعضاء الرابطة. ويقول لـ "العربي الجديد": "أطلق علينا لقب التماسيح لقدرة التمساح على التكيف والعيش في البر والبحر، وهو رمز للقوة، ومن هذا المنطلق جاءت التسمية".
وكانت النجف نقطة الانطلاقة لهذه الرابطة التي تأسست هناك أولاً، وانتشرت شيئاً فشيئاً عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إلى أن أنشئت في العاصمة بغداد عبر مجموعة بدأت بأفراد عددهم قليل، حتى وصل في بغداد وحدها إلى ما يزيد على 150 "تمساحاً". وترتكز الرابطة على الوازع الشخصي لكل فرد، من دون حث الغير على إطالة الشارب، وتضم من يرى أن الشارب يمثل الرجولة.
ويضيف المشتاق "نحن صرخة ضد المظاهر المخزية التي بدأت تطفو على سطح المجتمع حديثاً، ولا تمت لتاريخنا العراقي بصلة، مثل الجنس الثالث، فالعراقي معروف برجولته ويكنّى بأبو الغيرة، ومن عاداتنا العراقية قول المرأة لزوجها "أنا بشاربك أبو الغيرة"، هذا موروثنا الذي تربينا عليه".
ولفت إلى "أنشطة الرابطة كثيرة في المجتمع منها إغاثة الفقراء والأيتام والمساكين، وإعانتهم لتجاوز المحن وهذا واجب نتشرف به".
وفي السياق يقول أبو علي الطائي، وهو أحد التماسيح "إن الأخوّة والغيرة هي القاسم المشترك بين أعضاء الرابطة جميعاً، وبالنسبة لإطالة الشارب بهذه الصورة فهو اعتزاز بالرجولة والفحولة، وكلنا يعرف القصة التي ورثناها من التاريخ العربي كيف أن شعرة من شارب رجل صادق تكفل تاجراً، من هنا تبدأ أهمية إطالة الشارب، وقد تشرفت بالانضمام للرابطة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي".
ويقول الحاج عبد الرحمن السعيدي، لـ "العربي الجديد"، "كثيرة هي الظواهر التي رأيناها تنتشر بسرعة في المجتمع العراقي، وأنا ضدها. أما بالنسبة لإطلاق الشارب فقد جاءت بالفقه الإسلامي في مواضع التنظيف (حف الشارب) ولم تكن موجودة هذه الظاهرة إلا نادراً. وأذكر أن قراراً سابقاً خصّ الجيش العراقي والدوائر الأمنية ويقضي بمنح امتيازات معينة لمن يربي شاربه لندرتها. أنا أرى أننا أمسكنا بالقشور وتركنا اللب".