الفروض المنزلية أو الواجبات أو الـ"Homework" كابوس الطلبة وأولياء الأمور والمعلمين أيضا، وإحدى الثوابت في مختلف النظم التعليمية حول العالم. لكن هل يمكن الاستغناء عن الفروض المنزلية؟ هذه الخطوة أقدمت عليها جاكلين فيورينتينو، معلمة الصف الثاني الأساسي بإحدى المدارس في ولاية نيو جيرسي الأميركية، إذ ألغت الفروض المنزلية الإجبارية لطلبة الصف الخاص بها مدة عام دراسي كامل، لتأتي النتائج مبهرة بخلاف المتوقع.
لماذا قامت جاكلين بإلغاء الفروض المنزلية؟
الفروض المنزلية كونها إلزامية، تحولت إلى عادة مألوفة لدرجة أن لا أحد يفكر في التخلي عنها. لكن في حقيقة الأمر، فإن الأبحاث في مجال التربية والتعليم تشير إلى أن إتمام الواجبات المدرسية في المنزل، يحمل مميزات، لكن تشوبه العديد من العيوب أيضا. أحد أخطر تلك العيوب أنها تجعل الطلاب يكرهون المدرسة والتعليم بأكمله في سن مبكرة خلال بداية مسارهم التعليمي والأكاديمي.
لذا يجب التفكير بالاستغناء عن الفروض المنزلية، والتركيز بدلا من ذلك على توفير فرص تعلم حقيقية للطلاب بالمنزل. التخلي عن الفروض المنزلية يتيح للطلاب وقتا أكبر لممارسة أنشطة أخرى متنوعة ومفيدة، مثل ممارسة الرياضة أو دروس الموسيقى أوالانخراط في نشاط اجتماعي.
1- ناقش الفكرة مع أولياء الأمور
تؤكد جاكلين أنه من الطبيعي أن نجد مقاومة من أولياء الأمور لفكرة إلغاء الفروض المنزلية، لذا يجب أن تتم مناقشة تلك الفكرة معهم أولا. ويفضل أن يكون هناك نوع من الحوار مع الأمهات والآباء بشكل شخصي، بدلا من إرسال رسائل لهم عبر أبنائهم. ويمثل اجتماع أولياء الأمور مع إدارة المدرسة فرصة جيدة لذلك، لذا على الأستاذ او المدرسة أن تعرض الفكرة وما يدعمها من أبحاث ونتائج. بالطبع سيطرح أولياء الأمور العديد من الأسئلة والاستفسارات، لكنهم سيقتنعون بجدوى الفكرة أو التجربة، لاسيما أن الواجبات المنزلية أمر مرهقا بالنسبة إليهم أيضا.
2- شجع القراءة بالمنزل
يجب حث أولياء الأمور على ضرورة تشجيع أبنائهم على القراءة في المنزل. الأمر الأكثر أهمية هو تشجيع الطلبة والطالبات وليس إلزامهم. من الممكن تزويد الأمهات والآباء بقائمة كتب تضم مصادر مختلفة ومتنوعة. يجب ألا تكون القراءة اليومية إجبارية، فالهدف الأسمى هو تربية الطلبة لتصبح القراءة عادة لديهم. وبالطبع فإن تحويل القراءة لأمر إجباري يفقد التجربة متعتها وبهجتها.
3- ابتكر مشاريع أسرية اختيارية
توضح جاكلين أنها تقوم باقتراح مشاريع أو أنشطة أسرية بشكل شهري على الطلبة وأولياء الأمور لتنفيذها بالمنزل. وبالطبع فإن تلك المشاريع والأنشطة ليست إلزامية أو إجبارية على الإطلاق، فالهدف منها فتح باب للمشاركة والحوار بين أفراد الأسرة الواحدة بشكل مرح وغير رسمي. يتاح للطلبة وأسرهم مدة شهر كامل لتنفيذ المشروع كما يرغبون، ويطلب من الطالب تقديم مشروعه لزملائه في نهاية الشهر. بالطبع، قد لا يرغب بعض الطلاب بالمشاركة والقيام بالمشاريع والأنشطة المنزلية، لكنهم غالبا ما سيغيرون من وجهة نظرهم بعد مشاهدة مشاريع زملائهم.
4- ابتكر أنشطة دراسية اختيارية للمنزل
وفقا لتجربة جاكلين، فإنه يمكن أن يرفض بعض الطلاب إلغاء فروضهم المنزلية، بل ويصرون على إتمامها. في تلك الحالة يجب عدم الاستسلام لإغراء ذلك الإلحاح والعودة للفروض المنزلية. بدلا من ذلك يجب اقتراح أنشطة دراسية منزلية ذات ارتباط بما يتم تدريسه خلال الحصص الدراسية ولكنها اختيارية وليست إجبارية. ويجب توجيه الطلبة إلى استخدام مصادر أخرى للتعلم، وفهم ما يدرسونه بشكل أعمق وعرض ما توصلوا إليه أمام زملائهم بشكل طوعي.
نتائج مبهرة
خلال العام الدراسي فوجئت المدرسة جاكلين بالنتائج المبهرة لمغامرتها، فبخلاف المتوقع قام الطلاب باستغلال وقتهم في المنزل بشكل أفضل، بل والمذاكرة لوقت أكثر. ولم يتوقف الأمر عند هذا ليمتد إلى إخبار زملائهم بما عرفوه واستكشفوه بأنفسهم. الأمر الذي ساعد على إلهام زملائهم وتشجيعهم لاستغلال أوقاتهم بالمنزل بصورة أفضل لاستكشاف مزيد من المعارف. وبذلك، أصبح التعلم بذلك أمرا قائما على الشغف ومدفوع بالفضول ومليء بالمرح، بعيدا عن روتين الفروض المنزلية الإجبارية.