يعتبر قطاع الألعاب الإلكترونية من القطاعات التكنولوجية الناجحة، حيث يمتلك مقومات اقتصادية واعدة وقدرات استراتيجية عالية تمكنه من تحقيق قفزات نوعية، توازي التقدم التكنولوجي المتجسد في انتشار الأجهزة الذكية والتطبيقات المعلوماتية، ووسائل التواصل الاجتماعي والمنصات التفاعلية.
لطالما تتم معالجة موضوع الألعاب الإلكترونية من الزاوية الاجتماعية عبر دراسة تأثيراتها سواء الإيجابية أو السلبية على الجانب السلوكي للأطفال وتسليط الضوء على تبعاتها التربوية. فنجد أن الكتابات حول الموضوع تطرقت إلى التعريف بمفهوم الألعاب الإلكترونية وربطه بسياق تاريخي يوضح تطور المعلومات ووسائل الاتصال.
ومما يجب التوقف عنده، أن الألعاب الإلكترونية عرفت تحولات بنيوية جعلت منها قطاعاً اقتصادياً متكاملاً، فلم تعد شريحة مستهلكيها من الأطفال فقط بل أصبحت متاحة للكبار، وليست حصراً على الذكور بل ولجت إلى عالم الإناث من خلال تقديم منتجات متنوعة تشخص كل فئة استهلاكية وتسعى لإرضائها. كما أن استعمالاتها تعددت لتتجاوز البعد الترفيهي وتصل إلى البؤر التعليمية والتربوية. لقد نجحت في تحويل مكامن ضعفها حيث كانت تنعت بملهاة عن الدراسة والتعليم إلى عوامل للقوة. فأصبحت تقدم فقرات تعليمية وأنشطة تربوية في شكل ألعاب تلقينية، تنمي العمليات المعرفية عبر الإدراك، التمييز، الذكاء الانفعالي، اليقظة والانتباه، كما تبين كيفية اتخاذ القرار وإيجاد الحلول والتعامل مع الأزمات بعقلانية كبيرة وكفاءة عالية، الأمر الذي من شأنه تقوية عملية التفكير لدى الأشخاص.
اقرأ أيضا: التحديات الأمنيّة والحروب الإلكترونيّة
علاوة على أن الاستثمارات الكبيرة لشركات الألعاب الإلكترونية في البحث والتطوير التكنولوجي عبر اقتناء أحدث البرامج المعلوماتية والنظم التواصلية قربتها من رغبات المستهلكين، وأسهمت في تحقيقها لنمو اقتصادي كبير. فعالمياً، تعدت نسبة نمو قطاع الألعاب الإلكترونية 6 % في عام 2014، فاحتلت اليابان المرتبة الأولى من حيث الاستثمارات بهذا القطاع، ثم فرنسا والولايات المتحدة الأميركية. يحقق القطاع أكثر من 15 مليار دولار كرقم مبيعات في أميركا وخمسة ملايين في فرنسا، وقد زادت هذه النسب مع انتشار الجيل الثامن من الألعاب الإلكترونية مع بداية عام 2011 ممثلاً في 3DS، PS Vita،PS4، Xbox One، Wii U، وتعتبر شركات "نينتاندو"، "سوني" و"مايكروسوفت" أكثر الشركات مبيعاً باحتكارها نسبة 85% من حصة السوق العالمية، بينما تشكل الصين أكبر سوق استهلاكية لهذه المنتوجات بنسبة تقارب 20%. وفي العالم العربي، تحتل دول الخليج العربي أعلى معدلات استهلاك الألعاب الإلكترونية، وخاصة المملكة العربية السعودية بحوالي 28% من السوق العربية.
اقرأ أيضا: تكنولوجيا المعلومات: الثورة مستمرة
وإجمالاً، يمكن تصنيف الألعاب الإلكترونية إلى ثلاثة أنواع، يتعلق الأول بألعاب المتعة والإثارة التي تهدف إلى التسلية من خلال تفاعل اللاعب مع أوضاع وحالات مختلفة تبدأ بمستويات بسيطة لتصبح معقدة وسريعة، ويستخدم اللاعب أدوات إلكترونية تابعة تمكنه من رؤية البعد الثالث، ونجد هذه الألعاب في أشكال سباق السيارات والدراجات النارية وألعاب القتال والحروب. أما النوع الثاني فهي ألعاب الذكاء التي تهدف إلى تعزيز قدرات اللاعب على اتخاذ القرار من خلال معالجة كم هائل من الاحتمالات واختيار الحلول المثلى تبعاً لمعايير محددة مشتقة من قوانين اللعبة وخبرة صانعيها، فيما يتجلى النوع الثالث في الألعاب التربوية والتعليمية من مزيج بين الألعاب البسيطة التي تعلم الطفل قراءة الأرقام والحروف وكتابتها، والألعاب الأكثر تعقيداً التي تعلمه تركيب الكلمات والجمل وتشكيلها والتعامل مع المسائل العلمية والحسابية. وهناك الألعاب والبرامج التي تهتم بالتثقيف العام في مجالات كثيرة كالرياضيات والعلوم والتاريخ والجغرافية وتعليم اللغات وتعليم مبادئ الحاسوب وغيرها من العلوم. وتستعمل هذه النوعية من الألعاب الوسائط التكنولوجية المتعددة وبرامج المحاكاة الإلكترونية لتنمية قدرات اللاعبين على الاختراع والإبداع.
اقرأ أيضا: التقليد أم التجديد في التكنولوجيا؟
ختاماً، لابد من الإشارة أن قطاع الألعاب الإلكترونية خلق سوقاً للعمل بتوفير فرص عديدة تستوجب تكوينات غنية ومعارف عميقة، حيث يوظف هذا القطاع أكثر من خمسن ألف شخص في الولايات المتحدة الأميركية و35 ألف شخص في اليابان.
(باحث وأكاديمي مغربي)
لطالما تتم معالجة موضوع الألعاب الإلكترونية من الزاوية الاجتماعية عبر دراسة تأثيراتها سواء الإيجابية أو السلبية على الجانب السلوكي للأطفال وتسليط الضوء على تبعاتها التربوية. فنجد أن الكتابات حول الموضوع تطرقت إلى التعريف بمفهوم الألعاب الإلكترونية وربطه بسياق تاريخي يوضح تطور المعلومات ووسائل الاتصال.
ومما يجب التوقف عنده، أن الألعاب الإلكترونية عرفت تحولات بنيوية جعلت منها قطاعاً اقتصادياً متكاملاً، فلم تعد شريحة مستهلكيها من الأطفال فقط بل أصبحت متاحة للكبار، وليست حصراً على الذكور بل ولجت إلى عالم الإناث من خلال تقديم منتجات متنوعة تشخص كل فئة استهلاكية وتسعى لإرضائها. كما أن استعمالاتها تعددت لتتجاوز البعد الترفيهي وتصل إلى البؤر التعليمية والتربوية. لقد نجحت في تحويل مكامن ضعفها حيث كانت تنعت بملهاة عن الدراسة والتعليم إلى عوامل للقوة. فأصبحت تقدم فقرات تعليمية وأنشطة تربوية في شكل ألعاب تلقينية، تنمي العمليات المعرفية عبر الإدراك، التمييز، الذكاء الانفعالي، اليقظة والانتباه، كما تبين كيفية اتخاذ القرار وإيجاد الحلول والتعامل مع الأزمات بعقلانية كبيرة وكفاءة عالية، الأمر الذي من شأنه تقوية عملية التفكير لدى الأشخاص.
اقرأ أيضا: التحديات الأمنيّة والحروب الإلكترونيّة
علاوة على أن الاستثمارات الكبيرة لشركات الألعاب الإلكترونية في البحث والتطوير التكنولوجي عبر اقتناء أحدث البرامج المعلوماتية والنظم التواصلية قربتها من رغبات المستهلكين، وأسهمت في تحقيقها لنمو اقتصادي كبير. فعالمياً، تعدت نسبة نمو قطاع الألعاب الإلكترونية 6 % في عام 2014، فاحتلت اليابان المرتبة الأولى من حيث الاستثمارات بهذا القطاع، ثم فرنسا والولايات المتحدة الأميركية. يحقق القطاع أكثر من 15 مليار دولار كرقم مبيعات في أميركا وخمسة ملايين في فرنسا، وقد زادت هذه النسب مع انتشار الجيل الثامن من الألعاب الإلكترونية مع بداية عام 2011 ممثلاً في 3DS، PS Vita،PS4، Xbox One، Wii U، وتعتبر شركات "نينتاندو"، "سوني" و"مايكروسوفت" أكثر الشركات مبيعاً باحتكارها نسبة 85% من حصة السوق العالمية، بينما تشكل الصين أكبر سوق استهلاكية لهذه المنتوجات بنسبة تقارب 20%. وفي العالم العربي، تحتل دول الخليج العربي أعلى معدلات استهلاك الألعاب الإلكترونية، وخاصة المملكة العربية السعودية بحوالي 28% من السوق العربية.
اقرأ أيضا: تكنولوجيا المعلومات: الثورة مستمرة
وإجمالاً، يمكن تصنيف الألعاب الإلكترونية إلى ثلاثة أنواع، يتعلق الأول بألعاب المتعة والإثارة التي تهدف إلى التسلية من خلال تفاعل اللاعب مع أوضاع وحالات مختلفة تبدأ بمستويات بسيطة لتصبح معقدة وسريعة، ويستخدم اللاعب أدوات إلكترونية تابعة تمكنه من رؤية البعد الثالث، ونجد هذه الألعاب في أشكال سباق السيارات والدراجات النارية وألعاب القتال والحروب. أما النوع الثاني فهي ألعاب الذكاء التي تهدف إلى تعزيز قدرات اللاعب على اتخاذ القرار من خلال معالجة كم هائل من الاحتمالات واختيار الحلول المثلى تبعاً لمعايير محددة مشتقة من قوانين اللعبة وخبرة صانعيها، فيما يتجلى النوع الثالث في الألعاب التربوية والتعليمية من مزيج بين الألعاب البسيطة التي تعلم الطفل قراءة الأرقام والحروف وكتابتها، والألعاب الأكثر تعقيداً التي تعلمه تركيب الكلمات والجمل وتشكيلها والتعامل مع المسائل العلمية والحسابية. وهناك الألعاب والبرامج التي تهتم بالتثقيف العام في مجالات كثيرة كالرياضيات والعلوم والتاريخ والجغرافية وتعليم اللغات وتعليم مبادئ الحاسوب وغيرها من العلوم. وتستعمل هذه النوعية من الألعاب الوسائط التكنولوجية المتعددة وبرامج المحاكاة الإلكترونية لتنمية قدرات اللاعبين على الاختراع والإبداع.
اقرأ أيضا: التقليد أم التجديد في التكنولوجيا؟
ختاماً، لابد من الإشارة أن قطاع الألعاب الإلكترونية خلق سوقاً للعمل بتوفير فرص عديدة تستوجب تكوينات غنية ومعارف عميقة، حيث يوظف هذا القطاع أكثر من خمسن ألف شخص في الولايات المتحدة الأميركية و35 ألف شخص في اليابان.
(باحث وأكاديمي مغربي)