فايز السراج

سبق للجنرال المتقاعد، خليفة حفتر، أن تراجع عن اتفاقات سابقة، وهذه ليست المناورة الأولى التي يقوم بها من أجل حرف مسار حل الأزمة التي بلغت مستوى خطيرا جدا يهدّد وحدة التراب الليبي، فما أثر ذلك على الحل الليبي ومستقبل ليبيا؟

لن يقف نقل السيناريو السوري إلى شمال أفريقيا عند حدود التشابه، من حيث الفاعلين وسياساتهم، بقدر ما يعني نقله إلى منطقةٍ بحساسية مغايرة للمحيط السوري، أي منطقة رهانات الفاعلين فيها الجديدة، قد تضاف إلى رهانات سابقة خامدة منذ عقود.

فسّر مراقبون تزامن ضراوة المعارك على جبهة طرابلس في ليبيا، ومحاور إدلب في سورية، معاً، بأنه يعكس خلافاً روسياً تركياً، بعد أن دخلت تركيا بقوة على خط الأزمة الليبية، بعد توقيع اتفاقيتين لترسيم حدود النفوذ البحرية والتعاون الأمني.

فاجأت أنقرة واشنطن وموسكو بالاتفاقيات التي وقعتها مع حكومة الوفاق الليبية في طرابلس. وغايتها دفع العواصم الأوروبية المعنية بالملف الليبي إلى قبول تفاهماتها مع طرابلس، وإشراك تونس والجزائر وقطر في قمة برلين، ووقف العملية العسكرية التي تشن ضد الحكومة الشرعية.

أصبح المشهد الذي غذّى الاقتتال بين الشرق والغرب الليبيين من الماضي، فهناك مشهد جديد ترتسم له أبعاد أوسع من المحيطين الإقليميين، العربي والغربي. دخلت إلى المشهد أطراف أخرى، في مقدمتها روسيا، تماماً كما هو الحال في سورية.

يأمل الليبيون، مهما اختلفت مواقفهم من بعضهم بعضاً، ألا تتحول بلدهم أرض حرب بالوكالة، خصوصاً في ظل انقسام دولي حاد، وتباين مواقف القوى العظمى، وتحديداً فرنسا وإيطاليا وغموض الموقف الأميركي.

قد يؤسس التنسيق الروسي التركي عالي المستوى في الملف السوري لتنسيقٍ مشابه في الملف الليبي. وهناك مؤشّرات عديدة على إمكانية ذلك، فقد أعلن الكرملين أن بوتين وأردوغان بحثا، في اتصال هاتفي، "القضايا المتعلقة بالتصعيد المستمر للنزاع العسكري في ليبيا".