الدّنيا شجرة ميلادٍ عارية/ والعُمرُ بندقيةٌ تَرَبَّت على القتل بأقصر الطّرق/ أطلقها، إذن، يا حارس الأبدية/ أطلقْ رصاصها ولو على جنازة عصفور/ فالأمل مرآةٌ كبيرةٌ/ تحصي أعداد الخائبين/ ولم تبق لي خطيئةٌ/ أو توبةٌ أتعلّقُ بها/ أكثر من مسبحة الأمنيات.
يتسع الإحباط حين يتعلّق الأمر ببرنامج الشعر في مهرجان جرش، ويصعب علينا أن نفهم كيف تدار الثقافة في الأردن وبلداننا العربية عموماً... المعضلة ليست في الأسماء ولكن في السيّاسات المودية إلى مهرجانات كفيلة بالقضاء على ما تبقى من جمهور للشعر.
في حالتنا العربية التي لا يزال مرماها يتلقّى أهدافاً دموية، تبدو كرة القدم والمونديال وكأنها تقسم شاشة العالم في هذا الوقت من السنة إلى قسمين: قسمٌ تُقتنصُ فيه الأهداف وآخر تُقنصُ فيه الضحايا.
إذن، ما الذي خلخلته الهزيمة في المجتمع العربيّ لكي يتّسق السؤال بموجبه حول اختلاف الكتابة العربية بعد 1967؟ التجارب الكتابية التي ظهرت بعد ذلك التاريخ لم تكن مفصليةً كما قد يعتقد أو يدّعي البعض... ظلّت بالأحرى داخل الصندوق.
في فيلمها "سجّل أنا عربي"، توحي ابتسام مراعنة منوحين بفكّ اللغز الحقيقي لـ"ريتا"، حبيبة محمود درويش. لكن العمل أثار انتقادات واسعة ومبرَّرة لتعامل المخرجة مع مسألة الخصوصية وكأنها "وكالة بدون بوّاب"، ومع الهوية باعتبارها مجرّد بطاقة ممغنطة.
لا غرابة في أن تتحوّل قصيدة "لا تصالح" إلى نشيد قوميّ، وتتكاثر "لاءاتها" المحمومة في وجه "الحلول" المنقوصة الجائرة للقضية الفلسطينية وأيّ قضيةٍ عادلة، جاعلة من "الجنوبي" أيقونة لقصيدة الرفض الحديثة. فلسطين أمل دنقل معادلاً موضوعياً لمطالب الجماهير.
في أيّ حال، النكبةُ أمسٌ من الأماسي السوداء، والخامس عشر من أيار 1948 أكبر من مجرّد ذكرى تقومُ في الصّميم على أدلّة وبراهين، مثلما هو غد العودة أكبرُ من مجرّد حنينٍ وتلبّسات نوستالجية.
إن الممارسة الشعرية بالعموم غير مطالبة فحسب بتبنّي الأرض واحتضانها وفق مفهومها الثوري والوطنيّ- أي باعتبارها حقاً مسلوباً تنبغي المطالبة باستعادته في كل واردة شعرية وشاردة؛ وإنما بتحمّل عبء مقاربة أفكار وقيم أكثر حساسية تتفاعل في إطار الواقع.