تبدأ مأساتنا كبشر بتبدّد لذّة ما نملك بمجرّد الحصول عليه، سواء كان أكلاً أو شرباً أو سلطة أو نشوة جسدية،... الذين يفهمون ما يحدث يكتفون بما يحقّق توازنهم، لكن من يستعصي عليهم فهم الأمر، وهم الغالبية، يستمرون في مراكمة ما يحتاجونه، وما لا يحتاجونه.
كانت الساعة في معصم يدي تشير إلى قرب حلول الساعة العاشرة ليلا وأنا في طريق العودة للمنزل. أحسست ببعض البرد يتسلل إلى السيارة فأحكمت إغلاق زجاج النوافذ استعدادا للتوقف عند إشارة الضوء الأحمر التي تشير إلى إلزامية ذلك لمدة 45 ثانية.
الكل يسير نحو الهاوية، لا رابح في هذه المعركة التي يخوضها الإنسان ضد نفسه سوى التسريع بتدمير مجاله الحيوي، أي الأرض، لأنّ استمرار ارتفاع درجة حرارة الأرض وتلوّثها واختناقها لا يمكن تفسيره إلا بشيء واحد: غباء البشر.
رأيت موكب جنازة يتكوّن من ستة أفراد، أربعة يحملون النعش واثنان يسيران وراءه، فوجدتني ودون كثير تفكير أنضمّ إليهم وأمشي خلفهم، دون أن أعرف سبب قيامي بذلك. ما الذي حرّكني للانضمام لموكب الجنازة؟ هل خفت أن تكون جنازتي بمثل هذا النكران والجحود؟
في الطفولة، كان الحصول على أبسط الأشياء يفرحنا، مثل الحصول على لعبة جديدة، ملاحقة فراشة، ابتسامة الأم... وبعد أن كبرنا أصبح ما يفرحنا نادراً، وباتت الكآبة تعرّش على الوجوه. ما أسباب ذلك؟ ما معنى الفرح؟ وكيف نحصل عليه؟
ما تسمى الآن مراكز القرار العالمية من بنوك وهيئات استشارية ولوبيات للضغط تعج بطينة من الخبراء الذين ينظرون للعالم وكأنه حقل للتجارب، ويمكن أن نجرب فيه كل شيء، ناهيك بكفرهم المطلق بالأيديولوجيا، والتي يعتبرونها جزءا من التاريخ انتهى.
غالبا ما يعاكس المثقفون ما هو سائد، إذ لا يستكينون للأجوبة الجاهزة والمتداولة. وبالتالي، فإنهم يقوّضون دعائم المألوف. بل إن هذا المألوف يصبح نمط حياة، فالعادات والتقاليد تصبح مع مرور الزمن مقدسات، يصعب مساءلتها ووضعها موضع شك أو ريبة.
لن نعبر إلى التعددية والديمقراطية والحرية مع سيادة القانون، إذا لم نناهض التخلف والتسلط في مفاصل الحياة وفي عقليات الناس وتنشئتهم وخلخلة التصورات عن علاقة المواطن بذاته ومع الآخرين.
نستورد كل شيء ونحاكي خبرات الغرب التقنية والعلمية، وقد نتفوق عليهم أحيانا، لكننا نبقى عاجزين أمام شيء واحد، إنه منظومة القيم، فالحضارة الغربية ليست تقنية فقط بل هي منظومة متكاملة وكل جزء فيها يقوم بإسناد وتقوية الأجزاء الأخرى.
حولت قطر، وبكل إصرار، دفة الأحداث، وأعادت فرض العرب على طاولة صنع الحدث، بعد أن كانوا خلال مئات السنين مجرد متلقين له، فنجاح قطر في نيل احتضان كأس العالم والنجاح في تنطيمها هو نجاح لكل العرب.