الدراما المشتركة... مواصفات قياسية لأبطال سوريين
منذ أن بدأت موضة الدراما العربية المشتركة، حاول صناع هذه الدراما أن يتهربوا من معالجة القضايا الشائكة، مثل قضية اللاجئين السوريين التي تحمل في طياتها أبعاداً سياسية؛ فمُنتجو هذه المسلسلات، الذين يسعون إلى جذب أكبر شريحة ممكنة من الجمهور، من خلال طريق استثمار نجومية ممثلين من بلدان مختلفة، يتحاشون، قدر الإمكان، التطرق إلى أي موضوع قد يتسبب في خسارة أي شريحة من الجمهور بسبب المواقف السياسية. ذلك ما يفسر النمط الكلاسيكي الذي لجأت إليه مسلسلات الدراما المشتركة، وأن أبطال هذه المسلسلات جميعهم نبلاء، ولا سيما السوريين منهم، يظهرون على أنهم يتمتعون بمكانة اجتماعية مرموقة، وإمكانيات مادية فائقة.
ففي هذه السنة، يلعب نجوم الدراما السورية أدوار البطولة في أربعة مسلسلات مشتركة تُصوّر في لبنان، وهم: باسل خياط في "تانغو"، وعابد فهد في "طريق"، وتيم حسن في "الهيبة - العودة"، وقيس الشيخ نجيب في "جوليا". في جميع هذه المسلسلات، يتمتع النجوم السوريون بمواصفات قياسية للبطل النبيل؛ فقيس الشيخ نجيب يلعب دور طبيب نفسي، يملك عيادة وبيتا في لبنان، يتمكن من ممارسة مهنته رغم عدم سماح الحكومة اللبنانية للسوريين بممارسة هذه المهنة على أراضيها. وأما باسل خياط وعابد فهد، فهما من رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال الضخمة، في حين أن تيم حسن يحكم ضيعة لبنانية حدودية، ويملك نصف الأراضي فيها!
لكن، ولأن الواقعية لا تزال تعتبر معياراً لجودة المسلسلات في الوطن العربي، فإن معظم المسلسلات المشتركة تقحم شخصيات اللاجئين في أدوار هامشية، كما حدث في الجزء الأول من مسلسل "الهيبة"، حين دخلت بالصدفة إلى ضيعة "جبل" فتاة سورية تعمل بالدعارة، وبررت ما تفعله بظرف اللجوء، من دون أن تتطرق إلى موقف سياسي أو تشير إلى من تسبب في هذه المأساة الإنسانية. وكذلك يحدث في مسلسل "طريق" الذي يحاول، قدر الإمكان، أن يبدو متوازناً، فتقحم في المسلسل شخصيات لسوريين، ساعدهم "جابر" للتخلص من مأساتهم، أو بالأحرى "لمّهم من الشارع"، كما تذكر وفاء موصللي في المسلسل.
إلا أن إقحام هذه الشخصيات الثانوية لا يحقق شرط الواقعية في المسلسل، ولا سيما أن مرورها على هامش الحدث لا يمكن إيجاد مبرّر درامي له، إلا بوصفه إشارة لشهامة بطل المسلسل السوري، إن كان "جابر" أو "جبل"؛ حيث تنتهي حكاية هذه الشخصية دائماً بتحسّن حالها بعد تدخّل السوري النبيل.
اقــرأ أيضاً
وحدها الهوامش غير المقصودة هي التي تفضح الواقع المستتر وراء الكاميرا؛ فاللافتة التي ظهرت في مسلسل "طريق"، والتي كتب عليها: "ممنوع تجوّل العمال الأجانب"، تمكنت بسبب ظهورها لثوانٍ معدودة على هامش الشاشة من تحريض عقول المشاهدين لإعادة التفكير في واقع السوريين في لبنان، وفتحت الأفق من جديد للتساؤل حول طبيعة العلاقة بين الفن والواقع؛ ويبدو أنّه، إلى حدّ كبير، لا علاقة بينهما على الشاشة الرمضانية، سواءً من خلال تهميش القضايا المحورية، أو من خلال المبالغات الدرامية التي نشهدها في المسلسلات، أو المبالغات الذكورية كذلك، كما في "الهبية"، مثلاً.
ففي هذه السنة، يلعب نجوم الدراما السورية أدوار البطولة في أربعة مسلسلات مشتركة تُصوّر في لبنان، وهم: باسل خياط في "تانغو"، وعابد فهد في "طريق"، وتيم حسن في "الهيبة - العودة"، وقيس الشيخ نجيب في "جوليا". في جميع هذه المسلسلات، يتمتع النجوم السوريون بمواصفات قياسية للبطل النبيل؛ فقيس الشيخ نجيب يلعب دور طبيب نفسي، يملك عيادة وبيتا في لبنان، يتمكن من ممارسة مهنته رغم عدم سماح الحكومة اللبنانية للسوريين بممارسة هذه المهنة على أراضيها. وأما باسل خياط وعابد فهد، فهما من رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال الضخمة، في حين أن تيم حسن يحكم ضيعة لبنانية حدودية، ويملك نصف الأراضي فيها!
لكن، ولأن الواقعية لا تزال تعتبر معياراً لجودة المسلسلات في الوطن العربي، فإن معظم المسلسلات المشتركة تقحم شخصيات اللاجئين في أدوار هامشية، كما حدث في الجزء الأول من مسلسل "الهيبة"، حين دخلت بالصدفة إلى ضيعة "جبل" فتاة سورية تعمل بالدعارة، وبررت ما تفعله بظرف اللجوء، من دون أن تتطرق إلى موقف سياسي أو تشير إلى من تسبب في هذه المأساة الإنسانية. وكذلك يحدث في مسلسل "طريق" الذي يحاول، قدر الإمكان، أن يبدو متوازناً، فتقحم في المسلسل شخصيات لسوريين، ساعدهم "جابر" للتخلص من مأساتهم، أو بالأحرى "لمّهم من الشارع"، كما تذكر وفاء موصللي في المسلسل.
إلا أن إقحام هذه الشخصيات الثانوية لا يحقق شرط الواقعية في المسلسل، ولا سيما أن مرورها على هامش الحدث لا يمكن إيجاد مبرّر درامي له، إلا بوصفه إشارة لشهامة بطل المسلسل السوري، إن كان "جابر" أو "جبل"؛ حيث تنتهي حكاية هذه الشخصية دائماً بتحسّن حالها بعد تدخّل السوري النبيل.
وحدها الهوامش غير المقصودة هي التي تفضح الواقع المستتر وراء الكاميرا؛ فاللافتة التي ظهرت في مسلسل "طريق"، والتي كتب عليها: "ممنوع تجوّل العمال الأجانب"، تمكنت بسبب ظهورها لثوانٍ معدودة على هامش الشاشة من تحريض عقول المشاهدين لإعادة التفكير في واقع السوريين في لبنان، وفتحت الأفق من جديد للتساؤل حول طبيعة العلاقة بين الفن والواقع؛ ويبدو أنّه، إلى حدّ كبير، لا علاقة بينهما على الشاشة الرمضانية، سواءً من خلال تهميش القضايا المحورية، أو من خلال المبالغات الدرامية التي نشهدها في المسلسلات، أو المبالغات الذكورية كذلك، كما في "الهبية"، مثلاً.
المساهمون
المزيد في منوعات