كشف مصدر حكومي عن أن الرئاسة الجزائرية أصدرت تعليمات إلى حكومة أحمد أويحيى، بوقف مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، التي اعتبرها حزب جبهة التحرير الوطني، الذي يترأسه الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، بمثابة خصخصة جزئية لعدد من المؤسسات العمومية وفتح رأس مالها لصالح رجال الأعمال.
وقال المصدر في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، إن التعليمات الصادرة من الرئاسة وصلت الخميس الماضي إلى مقر الحكومة، في أعقاب اجتماعات كان يعقدها أويحيى مع رؤساء ومديري المجمعات الاقتصادية، في إطار دراسة خصخصة الشركات العمومية.
وتنص التعليمات على إلغاء كل قرارات مجلس مساهمات الدولة (هيئة حكومية تسير أملاك الدولة) المتعلقة بفتح رأس مال الشركات العمومية.
وكانت الحكومة ومنظمة أرباب العمل والاتحاد العام للعمال الجزائريين، قد وقعوا اتفاقا نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي للشراكة بين المؤسسات العمومية والمستثمرين من القطاع الخاص، وتسهيل فتح رأسمال المؤسسات العمومية أمام الاستثمار الخاص، ومنها شركات الطاقة والنقل الجوي والمياه والكهرباء.
وأثار الاتفاق جدلاً واسعاً، وقال منتقدوه إنه يفتح الأبواب أمام الكارتل المالي لاحتكار الشركات، كما يثير غضبا عماليا في وجه الحكومة.
وقال النائب البرلماني عن حزب العمال، رمضان تاعزيبت، في حديث مع "العربي الجديد"، إن التعليمات الصادرة عن الرئاسة "انتصار للطبقة العمالية التي كانت قاب قوسين أو أدنى من الوقوع في شباك الانتهازيين".
لكن الحكومة نفت على لسان وزير المالية، عبد الرحمن راوية، اعتزامها بيع الشركات العمومية، موضحا أن الشراكة مع القطاع الخاص ليست خصخصة.
غير أن جمال ولد عباس، الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، الذي يحوز الأغلبية في الحكومة والبرلمان، أبدى شكوكاً إزاء الاتفاق الذي وقعته الحكومة مع منظمة رجال الأعمال والقطاع الخاص.
وقال ولد عباس في تجمع سياسي عقده نهاية الشهر الماضي، "إن الحزب لن يوافق على خصخصة المؤسسات الاقتصادية الحيوية كشركة المحروقات سوناطراك وشركة الخطوط الجوية الجزائرية وشركة السكك الحديدية، وغيرها من المؤسسات التي وصفها بالسيادية. وذكر أن الحزب ضد المساس بالمؤسسات الاستراتيجية التي هي جزء من السيادة الوطنية".
كما يتخوف محللون من تكرار سياسات خصخصة المؤسسات الاقتصادية العمومية، التي جرت في التسعينيات من قبل حكومة كان يقودها رئيس الحكومة الحالي، والتي انتهت الى إفلاس تام لهذه المؤسسات التي تم بيعها بالدينار الرمزي، وعددها 40 ألف مؤسسة وأدت إلى تسريح 130 ألف عامل خسروا وظائفهم خلال تلك الفترة.
ومنذ عام 2014، ما انفكت قوى سياسية في الجزائر تحذر من ظاهرة تمدد رجال المال والأعمال في المشهد السياسي إلى درجة التأثير في القرارات وشكل القوانين المتعلقة بالشأن الاقتصادي، كما يسود قلق سياسي ومدني من توسع هيمنة الكارتل المالي وتقاطعه مع أطراف نافذة في السلطة، خاصة بشأن علاقة عدد من رجال الأعمال مع الأحزاب الحاكمة وشخصيات نافذة في السلطة.