قاطعوا السلع الصينية
مصطفى عبد السلام
صحافي مصري، رئيس قسم الاقتصاد في موقع وصحيفة "العربي الجديد".
تحولت الصين إلى معسكر اعتقال مفتوح للمسلمين الذين يُقدَّر عددهم بنحو 30 مليون مواطن، 23 مليوناً منهم من أقلية "الأويغور" وحدها، وذلك حسب إحصاءات رسمية، فيما تؤكد تقارير غير رسمية، أن أعداد المسلمين في الصين تناهز 100 مليون، أي نحو 9.5 بالمائة من مجموع السكان.
ومن سنوات تشن السلطات الصينية حملات قمع واضطهاد وتصفية غير مسبوقة ضد الأقليات المسلمة، بذريعة "مكافحة الإرهاب" وحماية مصالح البلاد الاقتصادية، حملة لا تقتصر فقط على ممارسة الاضطهاد الديني والعرقي، بل تصل إلى حد التصفية الجسدية والقتل الجماعي للمسلمين والاختفاء القسري خاصة هؤلاء الذين يحافظون على هويتهم.
وقبل أيام نقلت وسائل إعلام عالمية عن نشطاء من أقلية الأويغور المسلمة قولهم إن الحكومة الصينية تمنعهم من الصيام والصلاة خلال شهر رمضان. بل واتهمت الولايات المتحدة قبل أيام أيضاً، السلطات الصينية باحتجاز نحو ثلاثة ملايين شخص من أقلية الأويغور، في إقليم تركستان الشرقية "شينجيانغ"، غربي الصين وذلك في معسكرات غير آدمية.
وقال راندال شرايفر، مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الأمن في منطقتي المحيط الهندي والهادئ، خلال إفادة لوزارة الدفاع "البنتاغون": إن "الحزب الشيوعي يستخدم قوات الأمن في احتجاز المسلمين الصينيين جماعياً بمراكز اعتقال، وأن عدد من يتم احتجازهم حتى الآن يقدر بنحو 3 ملايين مسلم".
وفي مارس الماضي، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية، تقريرها السنوي لحقوق الإنسان لعام 2018، أشارت فيه إلى أن احتجاز الصين للمسلمين بمراكز الاعتقال، "يهدف إلى محو هوياتهم الدينية والعرقية". وأن انتهاكات حقوق الإنسان في الصين بما فيها حقوق الأقلية المسلمة، شملت عمليات قتل تعسفي، وحالات إخفاء قسري، وتعذيب.
بل ذهبت السلطات الصينية في ممارساتها القمعية إلى حد منع المسلمين من أداء شعائرهم الدينية، وذلك كما جاء على لسان إلشات حسن، رئيس الجمعية الأميركية للأويغور، الذي قال إن "الأويغور المسلمين تحت الحكم الصيني القاسي لا يمكنهم الصلاة ولا الصوم في رمضان".
وللتضييق أكثر على الأقلية المسلمة في البلاد جرمت الصين، جوانب كثيرة من الممارسات الدينية والثقافية في إقليم شينجيانغ، حيث يعيش ملايين الأويغور، مثلاً تعاقب تدريس النصوص الإسلامية للتلاميذ وتمنع أولياء الأمور من إطلاق أسماء أويغورية على أولادهم.
ووسط صمت العالم والدول الإسلامية، توسعت الصين في حربها الشرسة وغير الآدمية على الأقليات المسلمة في البلاد، بل وصارت تستهدف الكزاخيين الآن، فضلاً عن استهدافها أقلية الأويغور بالدرجة الأولى.
ويوم 8 مايو/ أيار الجاري خرج علينا وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، ليؤكد أن النظام الصيني يحتجز أكثر من مليون مسلم من الأويغور الذين ينتمي معظمهم لإقليم شينجانغ. وخلال الأيام القليلة الماضية نقلت شبكة سي إن إن صوراً نادرة لمخيمات اعتقال مسلمين، وهو ما دعا السلطات الصينية إلى قطع إرسال الشبكة أثناء بث التقرير.
والملفت في متابعة هذه القضية الخطيرة هو أن حكومات الدول العربية والإسلامية لا تعير اهتماماً بقضية المسلمين في الصين، ربما لأن بعض هذه الحكومات تمارس صور اضطهاد أبشع ضد مواطنيهم، صوراً قد تفوق ما تمارسه الصين ضد الأقليات المسلمة، وبالتالي فإن الرهان على هؤلاء الحكام في الدفاع عن الأقليات المسلمة في الصين بات رهاناً خاسراً.
ولعل ما ذكرته مجلة نيوزويك الأميركية يوم 23 فبراير/ شباط 2019 خير دليل على ذلك حينما قالت إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يدافع عن استخدام الصين معسكرات الاعتقال الجماعية لمسلمي الصين (الأويغور) خلال زيارته للعاصمة الصينية بكين.
ويبقى الرهان في هذه الحالة على دور الأفراد الذين يستطيعون فعل الكثير لوقف جزء من الممارسات القمعية التي تمارس بحق المسلمين الصينيين، فالأفراد يستطيعون إيلام السلطات الصينية التي لا تعرف سوى لغة القوة والمال، إيلامها عن طريق مقاطعة منتجات الصين التي تغزو دول العالم وفي المقدمة الدول العربية والإسلامية.
وحتى لا نقلل من أهمية هذه الدعوة، تعالوا ننظر للأرقام لنرى كيف تغترف الصين مئات المليارات من الدولارات من الشعوب العربية والإسلامية سنويا، فحسب الأرقام فإن صادرات الصين إلى الدول العربية تبلغ نحو 100 مليار دولار في السنة، وأن واردات مصر مثلاً من الصين لوحدها بلغت قيمتها 11 مليار دولار في العام 2018 وبما يعادل مليار دولار شهرياً أي 17 مليار جنيه.
وفي العام 2016، بلغ حجم التجارة الخارجية الصينية مع الدول العربية 171 مليار دولار. كما تعد الصين أهم شريك تجاري للسعودية خلال 2018، فالمملكة استوردت منتجات وسلعاً من الصين بقيمة تزيد عن 700 مليار ريال "أي ما يعادل 186.6 مليار دولار" وذلك خلال آخر عشر سنوات "منذ 2009 حتى عام 2018".
ولنتأمل واردات السعودية من الصين في عام 2018، نجد أنها منتجات يستهلكها الأفراد والأسر وليس الحكومات ويمكن استبدالها بمنتجات من دول عربية أو أجنبية أخرى، مثلاً السعودية تستورد أجهزة كهربائية وأجزاءها من الصين بقيمة 24 مليار ريال في العام الماضي، وآلات وأدوات آلية وأجزاءها بقيمة 11.4 مليار ريال، وسفناً وقوارب ومنشآت عائمة بقيمة 4.3 مليارات ريال، وأثاثاً ومباني مصنعة بقيمة 3.4 مليارات ريال، وحديداً وصلباً "فولاذ" بقيمة 3.2 مليارات ريال.
تخيلوا، لو حرمنا الصين من هذا المبلغ الضخم.. تخيلوا لو أن العالم الإسلامي قاطع السلع الصينية التي يستوردها سنوياً وتبلغ قيمتها مئات المليارات من الدولارات، تخيلوا لو نظمنا حملات جماعية لمقاطعة السلع والمنتجات الصينية التي تتسم بالجودة الضعيفة والرداءة أصلاً، يساعدنا في ذلك التحديات الحالية التي تواجه الصادرات الصينية، فهناك حملة أميركية شرسة ضد الاقتصاد الصيني وصادراته وعملته، وهناك حملة غربية ضد شركة هاواوي المتهمة بالتجسس.
نستطيع أن نؤثر كأفراد خاصة ونحن من أكبر المستهلكين للمنتجات الصينية.. المهم هو أن نتحرك.. وأنت تشتري احتياجاتك من الأسواق والمحال التجارية، لا تمد يدك للسلع الصينية، فهناك بدائل للملابس والأحذية وأقلام الرصاص والجاف والكراسات والألعاب والأدوات الكهربائية والسيارات الصينية.
مقاطعة السلع الصينية هي أقل رد من الشعوب على الحملات البربرية التي تقوم بها السلطات الصينية تجاه المسلمين في الصين، ويجب ألا نقلل من هذه الخطوات والمبادرات الفردية، ولنا عبرة في المقاطعة الأكثر شهرة في التاريخ والتي قام بها السياسي الهندي المهاتما غاندي ضد الاستعمار البريطاني، ففي عام 1920 قال غاندي جملته الشهيرة التي لا يزال صداها يتردد إلى الآن: "احمل مغزلك واتبعني". ونحن من جانبنا نقول سنقاطع السلع الصينية حتى يتوقفوا عن ممارسة أبشع أنواع الاضطهاد والقهر ضد الأقليات المسلمة.
ومن سنوات تشن السلطات الصينية حملات قمع واضطهاد وتصفية غير مسبوقة ضد الأقليات المسلمة، بذريعة "مكافحة الإرهاب" وحماية مصالح البلاد الاقتصادية، حملة لا تقتصر فقط على ممارسة الاضطهاد الديني والعرقي، بل تصل إلى حد التصفية الجسدية والقتل الجماعي للمسلمين والاختفاء القسري خاصة هؤلاء الذين يحافظون على هويتهم.
وقبل أيام نقلت وسائل إعلام عالمية عن نشطاء من أقلية الأويغور المسلمة قولهم إن الحكومة الصينية تمنعهم من الصيام والصلاة خلال شهر رمضان. بل واتهمت الولايات المتحدة قبل أيام أيضاً، السلطات الصينية باحتجاز نحو ثلاثة ملايين شخص من أقلية الأويغور، في إقليم تركستان الشرقية "شينجيانغ"، غربي الصين وذلك في معسكرات غير آدمية.
وقال راندال شرايفر، مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الأمن في منطقتي المحيط الهندي والهادئ، خلال إفادة لوزارة الدفاع "البنتاغون": إن "الحزب الشيوعي يستخدم قوات الأمن في احتجاز المسلمين الصينيين جماعياً بمراكز اعتقال، وأن عدد من يتم احتجازهم حتى الآن يقدر بنحو 3 ملايين مسلم".
وفي مارس الماضي، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية، تقريرها السنوي لحقوق الإنسان لعام 2018، أشارت فيه إلى أن احتجاز الصين للمسلمين بمراكز الاعتقال، "يهدف إلى محو هوياتهم الدينية والعرقية". وأن انتهاكات حقوق الإنسان في الصين بما فيها حقوق الأقلية المسلمة، شملت عمليات قتل تعسفي، وحالات إخفاء قسري، وتعذيب.
بل ذهبت السلطات الصينية في ممارساتها القمعية إلى حد منع المسلمين من أداء شعائرهم الدينية، وذلك كما جاء على لسان إلشات حسن، رئيس الجمعية الأميركية للأويغور، الذي قال إن "الأويغور المسلمين تحت الحكم الصيني القاسي لا يمكنهم الصلاة ولا الصوم في رمضان".
وللتضييق أكثر على الأقلية المسلمة في البلاد جرمت الصين، جوانب كثيرة من الممارسات الدينية والثقافية في إقليم شينجيانغ، حيث يعيش ملايين الأويغور، مثلاً تعاقب تدريس النصوص الإسلامية للتلاميذ وتمنع أولياء الأمور من إطلاق أسماء أويغورية على أولادهم.
ووسط صمت العالم والدول الإسلامية، توسعت الصين في حربها الشرسة وغير الآدمية على الأقليات المسلمة في البلاد، بل وصارت تستهدف الكزاخيين الآن، فضلاً عن استهدافها أقلية الأويغور بالدرجة الأولى.
ويوم 8 مايو/ أيار الجاري خرج علينا وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، ليؤكد أن النظام الصيني يحتجز أكثر من مليون مسلم من الأويغور الذين ينتمي معظمهم لإقليم شينجانغ. وخلال الأيام القليلة الماضية نقلت شبكة سي إن إن صوراً نادرة لمخيمات اعتقال مسلمين، وهو ما دعا السلطات الصينية إلى قطع إرسال الشبكة أثناء بث التقرير.
والملفت في متابعة هذه القضية الخطيرة هو أن حكومات الدول العربية والإسلامية لا تعير اهتماماً بقضية المسلمين في الصين، ربما لأن بعض هذه الحكومات تمارس صور اضطهاد أبشع ضد مواطنيهم، صوراً قد تفوق ما تمارسه الصين ضد الأقليات المسلمة، وبالتالي فإن الرهان على هؤلاء الحكام في الدفاع عن الأقليات المسلمة في الصين بات رهاناً خاسراً.
ولعل ما ذكرته مجلة نيوزويك الأميركية يوم 23 فبراير/ شباط 2019 خير دليل على ذلك حينما قالت إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يدافع عن استخدام الصين معسكرات الاعتقال الجماعية لمسلمي الصين (الأويغور) خلال زيارته للعاصمة الصينية بكين.
ويبقى الرهان في هذه الحالة على دور الأفراد الذين يستطيعون فعل الكثير لوقف جزء من الممارسات القمعية التي تمارس بحق المسلمين الصينيين، فالأفراد يستطيعون إيلام السلطات الصينية التي لا تعرف سوى لغة القوة والمال، إيلامها عن طريق مقاطعة منتجات الصين التي تغزو دول العالم وفي المقدمة الدول العربية والإسلامية.
وحتى لا نقلل من أهمية هذه الدعوة، تعالوا ننظر للأرقام لنرى كيف تغترف الصين مئات المليارات من الدولارات من الشعوب العربية والإسلامية سنويا، فحسب الأرقام فإن صادرات الصين إلى الدول العربية تبلغ نحو 100 مليار دولار في السنة، وأن واردات مصر مثلاً من الصين لوحدها بلغت قيمتها 11 مليار دولار في العام 2018 وبما يعادل مليار دولار شهرياً أي 17 مليار جنيه.
وفي العام 2016، بلغ حجم التجارة الخارجية الصينية مع الدول العربية 171 مليار دولار. كما تعد الصين أهم شريك تجاري للسعودية خلال 2018، فالمملكة استوردت منتجات وسلعاً من الصين بقيمة تزيد عن 700 مليار ريال "أي ما يعادل 186.6 مليار دولار" وذلك خلال آخر عشر سنوات "منذ 2009 حتى عام 2018".
ولنتأمل واردات السعودية من الصين في عام 2018، نجد أنها منتجات يستهلكها الأفراد والأسر وليس الحكومات ويمكن استبدالها بمنتجات من دول عربية أو أجنبية أخرى، مثلاً السعودية تستورد أجهزة كهربائية وأجزاءها من الصين بقيمة 24 مليار ريال في العام الماضي، وآلات وأدوات آلية وأجزاءها بقيمة 11.4 مليار ريال، وسفناً وقوارب ومنشآت عائمة بقيمة 4.3 مليارات ريال، وأثاثاً ومباني مصنعة بقيمة 3.4 مليارات ريال، وحديداً وصلباً "فولاذ" بقيمة 3.2 مليارات ريال.
تخيلوا، لو حرمنا الصين من هذا المبلغ الضخم.. تخيلوا لو أن العالم الإسلامي قاطع السلع الصينية التي يستوردها سنوياً وتبلغ قيمتها مئات المليارات من الدولارات، تخيلوا لو نظمنا حملات جماعية لمقاطعة السلع والمنتجات الصينية التي تتسم بالجودة الضعيفة والرداءة أصلاً، يساعدنا في ذلك التحديات الحالية التي تواجه الصادرات الصينية، فهناك حملة أميركية شرسة ضد الاقتصاد الصيني وصادراته وعملته، وهناك حملة غربية ضد شركة هاواوي المتهمة بالتجسس.
نستطيع أن نؤثر كأفراد خاصة ونحن من أكبر المستهلكين للمنتجات الصينية.. المهم هو أن نتحرك.. وأنت تشتري احتياجاتك من الأسواق والمحال التجارية، لا تمد يدك للسلع الصينية، فهناك بدائل للملابس والأحذية وأقلام الرصاص والجاف والكراسات والألعاب والأدوات الكهربائية والسيارات الصينية.
مقاطعة السلع الصينية هي أقل رد من الشعوب على الحملات البربرية التي تقوم بها السلطات الصينية تجاه المسلمين في الصين، ويجب ألا نقلل من هذه الخطوات والمبادرات الفردية، ولنا عبرة في المقاطعة الأكثر شهرة في التاريخ والتي قام بها السياسي الهندي المهاتما غاندي ضد الاستعمار البريطاني، ففي عام 1920 قال غاندي جملته الشهيرة التي لا يزال صداها يتردد إلى الآن: "احمل مغزلك واتبعني". ونحن من جانبنا نقول سنقاطع السلع الصينية حتى يتوقفوا عن ممارسة أبشع أنواع الاضطهاد والقهر ضد الأقليات المسلمة.
مصطفى عبد السلام
صحافي مصري، رئيس قسم الاقتصاد في موقع وصحيفة "العربي الجديد".
مدونات أخرى
10 ديسمبر 2019
02 ديسمبر 2019
27 نوفمبر 2019