سيناريو انفلات الأسواق يدور في الجزائر: الأسعار ترتفع 100% عشية رمضان
وقع السيناريو الذي يخشاه الجزائريون عشية كل رمضان، فأسعار المواد واسعة الاستهلاك سجلت قفزات كبيرة، فاقت 100% على بعض الأنواع، ويحدث ذلك رغم طمأنات الحكومة المتواصلة بإغراق السوق بالمواد لكبح جشع المضاربين.
في أسواق الجزائر العاصمة، عرفت أسعار الخضر والفواكه واللحوم ارتفاعاً جنونياً في الأسبوع الأخير من شهر شعبان، حيث قفزت أسعار اللحوم الحمراء من 1300 دينار (10 دولارات) للكيلوغرام الواحد من لحم الخروف، إلى 1350 ديناراً (11.53 دولاراً)، ومن 250 ديناراً (2.1 دولار) للكيلوغرام الواحد من لحم الدجاج إلى 350 ديناراً (3 دولارات).
وعلى المنحى نفسه ارتفعت أسعار الخضروات، حيث قفزت أسعار الطماطم من 80 ديناراً (0.69 دولار) إلى 150 ديناراً (1.3 دولار)، ومن 35 ديناراً إلى 60 ديناراً للكيلوغرام الواحد من البطاطا، والشيء نفسه لأسعار الجزر التي قفزت من 40 ديناراً إلى 80 ديناراً في ظرف 73 ساعة فقط.
ولعل أبرز ما ميز فترة ما قبل رمضان، ندرة مادة زيت المائدة، ما أدى بأسعارها إلى الارتفاع، رغم تحديدها بموجب قرارٍ وزاري سنة 2011، بعد دعمها من خزينة الدولة، حيث قفزت أسعار من 550 ديناراً (4.20 دولارات) إلى 600 دينار، وأحياناً إلى 650 ديناراً.
"كل شيء زاد ثمنه إلا كرامة المواطن رخصت في الجزائر"، يشتكي المواطن عبد الله تواتي الذي التقاه "العربي الجديد" في سوق "الحراش" الشعبي شرقيّ العاصمة الجزائرية، والذي أضاف قائلاً: "هذا كثير، قالوا لنا إنه لن تكون هناك زيادات في الأسعار، والعكس هو الذي وقع، أصحاب "الجيوب الصغيرة" لن يستطيعوا شراء أي شيء".
التذمر نفسه كان في كلام رابح ربوش، وهو متقاعد، الذي تساءل في حديث مع "العربي الجديد": "أين الرقابة؟ كل شيء في السوق سعره مرتفع. الجزائري لم يعد يعرف ماذا يشتري، ولا ماذا يأكل، والحكومة لا تهتم لحالنا".
وككل مرة، يتقاذف التجار "كرة" المسؤولية حول ارتفاع الأسعار، فتجار الجملة يبرئون ذمتهم بتوافر العرض، وتجار التجزئة يردون بتحميل تجار الجملة الغلاء، بل ويتهمونهم بالمضاربة في الشهر الكريم.
إلى ذلك، أكد رئيس الجمعية الجزائرية للتجار والحرفيين الحاج الطاهر بولنوار، أن "الأسواق الجزائرية شهدت ارتفاعاً متوسطاً في الأسعار لارتفاع الطلب واستقرار العرض في أسواق الجملة، ولا سيما بالنسبة إلى الخضر والفواكه".
وأضاف بولنوار لـ"العربي الجديد" أن "أسعار الخضر والفواكه وكل أنواع السلع الاستهلاكية ستعرف تراجعاً ملحوظاً يزيد على الـ50% بداية من اليوم الرابع والخامس من الشهر الكريم، وذلك بسبب بداية تراجع مستوى الطلب والتهافت على الأسواق".
واعتبر بولنوار أن "أسواق الرحمة" التي قررت الحكومة فتحها، والتي ستكون من المنتج للمستهلك مباشرة، ليست كافية لكسر المضاربة وضمان استقرار الأسواق، مؤكداً أهمية تعميمها عبر كل البلديات في شكل أسواق شعبية، لحماية القدرة الشرائية للمواطنين، ومحاربة أي تلاعبات من قبل المضاربين.
وكانت الحكومة الجزائرية قد اتخذت جملة من القرارات، تحسباً لشهر رمضان، حيث قررت إغراق الأسواق بالسلع وفتح غرف التخزين الخاصة بالخضر والفواكه، بالإضافة إلى تسقيف الأسعار وتحديد هوامش ربح لا تتعدى 20 بالمائة، على السلع واسعة الاستهلاك، بالإضافة إلى منح رخص استيراد استثنائية لـ 20 مستورداً للحوم الحمراء من إسبانيا، بصفة استعجالية لمواجهة المضاربة.
كذلك أمرت حكومة عبد العزيز جراد بفتح أسواق طوال شهر رمضان في كل محافظة تُعرف بـ"أسواق الرحمة"، تُعرض فيها السلع من دون وسيط وبنسبة فوائد لا تتعدى 10 بالمائة، شرط أن تكون المنتجات المعروضة مصنعة أو منتجة محلياً، مع تكثيف الرقابة من طريق مضاعفة عدد موظفي الرقابة ومرافقتهم بعناصر من الشرطة لحمايتهم من أي اعتداءات محتملة.
ومن جانبها، قررت وزارة التجارة الجزائرية إلغاء الرسم الوقائي المؤقت المطبق على العديد من المنتجات المستوردة، حتى منتصف شهر رمضان، ويطاول القرار اللحوم المجمدة والفواكه المجففة التي يزداد عليها الطلب في رمضان، بالإضافة إلى المكسرات بكل أنواعها، والأجبان البيضاء وغيرها.
وكانت الحكومة قد فرضت رسماً جمركياً وقائياً مطلع 2019، على عمليات استيراد السلع، بنسبة راوحت بين 30% و200%، حيث يرتفع الرسم الوقائي بالتزامن مع الإنتاج المحلي. ويأتي هذا الإعفاء الجمركي ضمن سلسلة إجراءات أقرتها الحكومة، بهدف الحد من ارتفاع الأسعار وتخفيف الأزمات المعيشية التي يعاني منها الجزائريون، وكانت أحد أسباب اندلاع الاحتجاجات الشعبية.