لا تؤثر إعادة اعتقال أبطال ملحمة جلبوع الستة على تداعياتها ودلالاتها الجوهرية في ما يتعلق بصراع الإرادات بين الشعب الفلسطيني والاحتلال الإسرائيلي، وتآكل قدرة ردع هذا الأخير.
الأسرى الذين انتزعوا حريتهم من سجن جلبوع، في السادس من أيلول، هم ستة فقط، هزموا منظومة أمنية كاملة كانت تتبجح أمام العالم بأنها المنظومة الأكثر كمالاً ودقة في العالم، هزموها وخرجوا تحت أعين الكاميرات والطائرات والجنود والاستخبارات والكلاب البوليسية.
لم تمر ساعة على خبر اعتقال أول أسيرين فلسطينيين من أسرى نفق الحريّة الستّة الهاربين من سجن الجلبوع، حتّى انتشرت موجة غضب في مواقع التواصل الاجتماعي بين الفلسطينيين، على أشخاص مجهولي الهويّة من مدينة الناصرة.
طرح سؤال أو للدقة طرحت الأسئلة عن أساليب النضال المجدية والفعالة في ضوء الضرورة والإمكانيات من حيث الزمان والمكان، ولا تزال مطروحة على الساحة الفلسطينية منذ انطلاق الثورة المعاصرة قبل ستة عقود تقريباً.
يرتبط الشكل النضالي عادة بطبيعة الطرف المسيطر، أي المستعمر أو المستغل أولاً، وبتوجهات القوى التحررية المنظمة ثانياً، إذ غالباً ما شهدت الحالات الكفاحية الكبرى، لا سميا في نماذج الحركات التحررية، تنوعاً بالقوى الكفاحية وتنوعاً في أشكالها النضالية.
كشفت آخر محاولات تصفية القضية الفلسطينية من قبل الكيان الصهيوني والقوى الدولية والإقليمية المتحالفة معه، عبر ما سمي بصفقة القرن، أهمية المقاومة الاقتصادية في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ النضال الوطني الفلسطيني.
بعد النكبة، وفي شتات ديمغرافي، نشطت الثقافة الفلسطينية، خصوصاً بين أزقة المخيمات، وتحت ظلال منظمة التحرير الفلسطينية التي قادت كفاحه السياسي، ورعت إنتاجه الثقافي.
كان من أهم نتائج المقاومة الشعبية الفلسطينية، خاصة في هبة الشيخ جراح - باب العامود، أن أفقدت شرعية الكيان الصهيوني لدى أصدقائه وحلفائه المحليين والدوليين.