وكانت الكويت قد سجلت أعلى درجة حرارة على وجه الأرض العام الماضي، وفق المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، إذ بلغت درجة الحرارة في منطقة مطربة شمال غرب الكويت 54 درجة مئوية.
وحذّرت الإدارة العامة للإطفاء، المواطنين والمقيمين من زيادة حوادث الحريق مع ارتفاع درجات الحرارة، إذ يلجأ المواطنون إلى تشغيل مكيفات الهواء بالرغم من عدم وجودهم في منازلهم بسبب الحر الشديد.
وقالت الإدارة في بيان: "نسبة الحرائق خلال شهر رمضان بدأت بالارتفاع تزامناً مع ارتفاع درجات الحرارة، ولوحظ ذلك بشكل لافت في المناطق السكنية، ما يرجح بأن هذا الموسم سيشهد العديد من الحوادث وقد لا تقتصر فقط على المناطق السكنية".
وبحسب وكيل وزارة الكهرباء والماء محمد بو شهري، فإن موجة الحر التي تضرب الكويت تسببت في وصول الأحمال الكهربائية لمستويات قياسية، وهو ما أدى إلى انقطاعات متكررة في الكهرباء في مناطق متفرقة داخل البلاد.
وينص قانون العمل الكويتي على إلزام الحكومة بتعطيل مصالحها في حال وصول درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية وفق مقاييس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، لكن الحكومة الكويتية ترفض تطبيق هذا القانون لأنه يعني حالة شلل تامة في البلاد، خصوصاً أن درجة الحرارة قد تجاوزت الخمسين في أيام كثيرة.
لكن العديد من المؤسسات التجارية والشركات الخاصة قامت بتعطيل أعمالها نهارا خلال شهر رمضان، خصوصاً مع صيام الموظفين وشدة الحر، وأغلقت عدة شركات فروعها في النهار واكتفت بالعمل خلال الفترة الليلية طيلة هذا الشهر.
وقال فيصل أحمد وهو مدير مبيعات في شركة سيارات مستعملة لـ"العربي الجديد": "في السنوات الماضية كنا نعمل لفترتين صباحية ومسائية خلال شهر رمضان، لكن هذه السنة اضطررنا للعمل في الفترة المسائية فقط بسبب شدة الحر".
وأضاف: "إدارة الشركة قررت تعطيل الدوام الصباحي لمصلحة الموظفين ولمصلحتها الخاصة، لأننا لاحظنا في أول أيام شهر رمضان عدم وجود زبائن بسبب الحر الشديد، فيما يفضل الكثير منهم المجيء في الليل مع درجات الحرارة المعتدلة".
وأدى قرار العديد من المؤسسات والمحلات التجارية قصر العمل على الأوقات الليلية إلى حالات اختناق مروري شديدة في جميع مدن ومناطق الكويت بعد صلاة المغرب، خصوصاً مع قيام الناس بالتسوق استعدادا لعيد الفطر.
وقال بدر العلي، وهو مدرس في وزارة التربية لـ "العربي الجديد": "قامت وزارة التربية بتقديم جدول الامتحانات ليتمكن الطلاب من إنهائها قبل شهر رمضان، وهو ما تم بالفعل، لكن الكوادر التدريسية والإدارية ظلت تمارس عملها حتى العاشر من رمضان تقريباً".
وأضاف: "الكثير من المدرسين لم يستطيعوا الصمود حتى ثاني أو ثالث يوم في شهر رمضان بسبب شدة الحر فغابوا وتسلموا شهادة طبية من المستشفى لعدم الحضور آخر الأيام، ولم أكن أنوي السفر في العيد، لكن مع وصول درجات الحرارة إلى مستويات قياسية تحتم علي الحجز إلى دولة ذات مناخ معتدل مثل تركيا، بالرغم من ارتفاع أسعار البطافات في العيد".
وقال ظافر أحمد، وهو موظف في مكتب سفريات وسط العاصمة الكويت، لـ"العربي الجديد"، إن "وجهة السفر في عطلة العيد كانت غالباً إلى بلدان باردة وعلى رأسها تركيا والبوسنة وجورجيا، لأن هذه الدول تعتبر رخيصة مقارنة بدول الاتحاد الأوروبي وذات مناخ بارد على عكس الكويت وبقية بلدان الخليج".
وتابع: "هناك ظاهرة جديدة هذه السنة وهي الحجز قبل العيد بيومين أو ثلاثة أيام مما يعني أن الكثير من العائلات الكويتية ستقضي أول يوم للعيد في هذه البلدان".
وأصدرت الهيئة العامة للقوى العاملة قراراً يقضي بحظر تشغيل العمال في الأماكن المكشوفة من الساعة الـ11 صباحاً وحتى الرابعة عصراً بين شهري يونيو/ حزيران وأغسطس/ آب، وذلك في محاولة للتخفيف عن عمال البناء والمقاولات الذين يعملون في المشاريع الحكومية والخاصة، وأكدت الهيئة في بيانها أنها ستصدر غرامات مشددة ومخالفات ضد الشركات التي تقوم بالتعدي على هذا القرار أو محاولة تجاوزه.
وقال رحيم ممتاز، وهو عامل بناء في أحد المواقع الإنشائية، لـ"العربي الجديد"، إن ممثلي سفارتنا أخبرونا بالقانون وطلبوا مننا عدم الامتثال للعمل في هذه الأوقات، خوفاً على سلامتنا وحاولت الشركة المسؤولة ثنينا عن القرار، لكننا لم نستجب لأن درجات الحرارة كارثية هنا.
وأضاف: "في أول أيامنا في الكويت، لم نستطع التأقلم مع هذه الأجواء، لكن مع مضي السنين تكيفنا وتعودنا وقامت الشركة باستغلال ذلك جيداً حيث عرضت زيادة الأجر اليومي على العمال مقابل الموافقة على العمل في الفترة الصباحية مستغلين حاجتهم الماسة للأموال، وهو ما وافق عليه البعض ورفضه آخرون".